أقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الأربعاء رئيس جهاز المخابرات المصري القوي عباس كامل، الذي لعب دورًا فعالًا في التوسط في وقف إطلاق النار ومفاوضات تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن كامل الذي كان يُنظر إليه لسنوات باعتباره ثاني أقوى شخص في الدولة الأكثر سكانًا في الشرق الأوسط، قد بنى علاقات ثقة مع مسؤولي الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية وكذلك قادة حماس.
ويأتي خروجه في فترة مضطربة حيث أدت الحرب في غزة إلى توتر علاقات مصر مع إسرائيل وتعرض معاهدة السلام التي دامت 45 عامًا بين البلدين للخطر.
وأعيد تعيين كامل مبعوثا خاصا للرئيس ومنسقا عاما للأجهزة الأمنية، بحسب وسائل إعلام مصرية رسمية.
وانقسم المسؤولون بشأن ما إذا كان الدور الجديد لكامل هو ترقية للإشراف على كل من جهازي الأمن والمخابرات أو خفض رتبته بسبب إطار النظام السياسي الغامض في مصر.
وقالت وسائل إعلام رسمية إنه تم استبداله بمسؤول مخابرات قديم آخر، حسن رشاد، كرئيس لجهاز المخابرات العامة، وهو أحد وكالات الاستخبارات الكبرى في مصر.
وانجذبت مصر بشكل متزايد إلى عدم الاستقرار الإقليمي الناجم عن الحرب في غزة المجاورة منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي وأسر حوالي 250 آخرين كرهائن، وفقًا للسلطات هناك.
وأسفرت الحرب عن مقتل أكثر من 42 ألف فلسطيني، وفقًا للسلطات الصحية الفلسطينية، التي لم تذكر عدد المقاتلين، في حين أدى القصف الإسرائيلي إلى تحويل جزء كبير من الجيب الساحلي إلى أنقاض.
ولعب كامل دورا كبيرا في أزمة غزة، حيث قام برحلات مكوكية بين إسرائيل وحماس وحاول التوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار من شأنه أيضا إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين.
وعمل عباس كامل بشكل وثيق مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ويليام بيرنز، ورئيس وكالة التجسس الإسرائيلية ديفيد برنيا ورئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وهم رباعي اجتمعوا مراراً وتكراراً طوال عام من الحرب في جهد طويل للتوسط لإنهاء الحرب.
ولعب الأربعة دوراً رئيسياً في الدبلوماسية التي أدت إلى هدنة لمدة أسبوع في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، والتي أوقفت القتال وأطلقت سراح أكثر من 100 أسيرا من غزة إلى جانب السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل.
ولم تسفر أشهر من المفاوضات منذ ذلك الحين، عن نتائج تذكر، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تعنت القيادة الإسرائيلية.
وأدت الحرب في غزة إلى تفاقم التوترات في مصر، مما أشعل فتيل الاحتجاجات المتفرقة، وتراجع حركة المرور عبر قناة السويس، وأزمة في العلاقات مع إسرائيل.
وكانت مصر أول دولة عربية تعترف بإسرائيل في عام 1979 بعد أن خاضت الدولتان سلسلة من الحروب، وكانت العلاقة بين البلدين غير مستقرة على مدى عقود من الزمان، تقوم على المصالح الأمنية والاستخباراتية المتبادلة، مع وجود القليل من الاتصال بين الإسرائيليين العاديين والمصريين.
ويعد كامل من بين عدد قليل من المساعدين الموثوق بهم لدى السيسي، وهو جنرال سابق وصل إلى السلطة في انقلاب عام 2013 أنهى التجربة القصيرة التي خاضتها مصر مع الديمقراطية بعد ثورة الربيع العربي عام 2011.
وكان الرجلان عضوين في المخابرات العسكرية في البلاد قبل صعود السيسي إلى السلطة.
وقال مايكل وحيد حنا، الخبير في شؤون الحكم المصري ومدير البرنامج الأميركي في مجموعة الأزمات الدولية، وهي منظمة لحل النزاعات: “إنه لا يزال أحد الأشخاص القلائل في النظام الذين يثق بهم الرئيس. لا أتوقع أن يختفي من المشهد”.
كما لعب كامل دورًا رئيسيًا في التوسط في الهدنة التي أنهت صراعًا سابقًا بين إسرائيل وحماس في مايو/أيار 2021، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 فلسطيني وأكثر من عشرة إسرائيليين.
وعمل بديل كامل، رشاد، في أجهزة المخابرات المصرية لمدة 34 عامًا وشغل سابقًا منصب نائب كامل وأشرف على ملفات رئيسية مثل علاقة مصر بإيران ووكلائها.
وتخرج رشاد من الكلية الفنية العسكرية المصرية، والمعروف محليًا بتدريب العديد من الشخصيات الرئيسية لأجهزة المخابرات.
ومنح السيسي، خلال العقد الذي قضاه في السلطة، وكالات التجسس المصرية سلطات واسعة على الشؤون المدنية في مصر، حيث تولى كامل دورًا بارزًا في الدبلوماسية بشأن قضايا مهمة بما في ذلك الصراعات في ليبيا والسودان المجاورتين.
وكان كامل أيضًا أبرز مسؤول في دولة أمنية مترامية الأطراف سجنت أيضًا آلاف الأشخاص في حملة قمع ضد المعارضين السياسيين.
ويقول العديد من المصريين الذين تم اعتقالهم بسبب الاحتجاج أو التحدث ضد الحكومة إنهم تعرضوا للتعذيب في السجن، وتنفي الحكومة المصرية الانتهاكات وتقول إن اعتقالاتها كانت ضرورية لاستعادة الأمن.