إيران ترفض التخلي عن تخصيب اليورانيوم قبيل محادثات أوروبية جديدة

by hayatnews
0 comment

مع اقتراب موعد استئناف المفاوضات النووية بين إيران والدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا، فرنسا، وألمانيا) يوم الجمعة المقبل في إسطنبول، أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بوضوح أن طهران لن تتنازل عن حقها في تخصيب اليورانيوم، مؤكدًا أن البرنامج النووي أصبح “رمزًا للفخر الوطني”.

ضربة أميركية… ورفض إيراني للتراجع

تأتي التصريحات الإيرانية بعد أسابيع فقط من اندلاع مواجهة عسكرية شملت ضربات إسرائيلية وأميركية استهدفت مواقع نووية إيرانية، في إطار حرب استمرت 12 يومًا الشهر الماضي. وقد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد الضربات أن “المنشآت النووية الإيرانية دُمّرت”، مهددًا على منصة “تروث سوشيال” بأن “الضربات ستتكرر إذا لزم الأمر”.

لكن وزير الخارجية الإيراني قلل من الأثر الاستراتيجي للهجمات، رغم اعترافه بأن الأضرار “جسيمة وشديدة”. وقال في مقابلة مع قناة فوكس نيوز: “لا يمكننا التخلي عن التخصيب لأنه إنجازٌ لعلمائنا. والأهم من ذلك، أنه مسألة فخرٍ وطني… تخصيبنا عزيز علينا.”

وأوضح عراقجي أن منشآت تخصيب اليورانيوم تعرضت لأضرار كبيرة، وأن “منظمة الطاقة الذرية الإيرانية تُجري حاليًا تقييمًا شاملاً للأضرار”. لكنه امتنع عن توضيح ما إذا كان مخزون اليورانيوم المخصب قد تضرر أو بقي آمنًا بعد الضربات.

عودة إلى الطاولة الأوروبية

تمثل المحادثات المزمع عقدها في إسطنبول أول لقاء رسمي بين إيران ومجموعة الدول الأوروبية الثلاث (E3) منذ تصاعد التوتر العسكري في يونيو، ما يُضفي على الاجتماع طابعًا حساسًا. ويُشار إلى أن آخر اجتماع بين الطرفين كان قد عُقد في جنيف يوم 21 يونيو، أي قبل يوم واحد فقط من الهجمات الأميركية.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن طهران لا تزال ترى في الاتفاق النووي “إطارًا صالحًا”، لكنها تُحمّل الأطراف الأوروبية مسؤولية التقصير في تنفيذ التزاماتهم. وأضاف أن طهران ستذهب إلى إسطنبول “بمطالب واضحة”، أهمها رفع العقوبات الاقتصادية وإعادة بناء الثقة.

في المقابل، هددت الدول الأوروبية مؤخرًا بتفعيل آلية “العودة السريعة” المنصوص عليها في اتفاق 2015، والتي تتيح إعادة فرض العقوبات الدولية في حال عدم التزام إيران بقيود التخصيب والتفتيش.

الحسابات الأميركية… وغياب الثقة

انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018 بقرار أحادي من الرئيس ترامب، الذي أعاد فرض عقوبات اقتصادية مشددة على طهران، مما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد، ودفع إيران إلى رفع مستويات التخصيب بشكل تدريجي خلال السنوات التالية، متجاوزة السقف المحدد في الاتفاق.

وفي ظل عودة ترامب إلى الرئاسة بعد انتخابات 2024، تبدو العودة إلى الاتفاق الأصلي شبه مستحيلة، خاصة بعد التصعيد العسكري الأخير. لكن الأوروبيين يسعون إلى الحفاظ على مسار التفاوض، خشية انهيار تام للاتفاق، وهو ما قد يفتح الباب أمام سباق تسلّح نووي في الشرق الأوسط.

محور بكين-موسكو: دعم غير مشروط

بالتوازي مع المحادثات الأوروبية، تستضيف طهران اجتماعًا ثلاثيًا يوم الثلاثاء مع ممثلين من الصين وروسيا، الداعمين التقليديين لإيران في المحافل الدولية. وقالت وزارة الخارجية الصينية في بيان:

“ستواصل بكين لعب دور بنّاء في دفع جميع الأطراف إلى استئناف الحوار، والتوصل إلى حل متوازن يأخذ في الاعتبار المخاوف المشروعة لجميع الأطراف.”

ويُنظر إلى هذا الاجتماع على أنه ورقة ضغط إضافية في يد إيران قبيل المفاوضات الأوروبية، خصوصًا أن بكين وموسكو ترفضان العقوبات الأميركية الأحادية، وتدافعان عن حق طهران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

ورغم الضربات العسكرية والضغوط الغربية، تؤكد إيران أنها لن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم، وتتمسك بموقفها الثابت في الدفاع عن برنامجها النووي كـ”حق سيادي وطني”. ومع احتدام الجدل داخل الأروقة الدولية، تبدو المحادثات المقبلة في إسطنبول اختبارًا حقيقيًا لمدى إمكانية إنقاذ الاتفاق النووي من الانهيار الكامل، وسط مناخ إقليمي متوتر وثقة دولية متآكلة.

You may also like

Leave a Comment