شهدت العاصمة البريطانية واحدة من أوسع موجات الاعتقالات في تاريخ الاحتجاجات المرتبطة بالقضية الفلسطينية، إذ أعلنت شرطة العاصمة أن 890 شخصًا أُوقفوا خلال مظاهرة “العمل الفلسطيني” التي جرت يوم السبت في ساحة البرلمان بوستمنستر، احتجاجًا على قرار الحكومة حظر جماعة “فلسطين أكشن”.
وقالت الشرطة إن 857 متظاهرًا اعتقلوا بموجب قانون مكافحة الإرهاب لعام 2000، بتهمة دعم جماعة محظورة.
كما تم توقيف 33 شخصًا آخرين بتهم مختلفة، بينها الاعتداء على ضباط الشرطة.
وشوهدت قوات الشرطة وهي تطوق المتظاهرين، ثم تحملهم واحدًا تلو الآخر إلى شاحنات الاعتقال، بينما كان الحشد يهتف: “عار عليكم” و “فلسطين حرة”.
وذكر صحفيون أن ضباط الشرطة كانوا يقرأون بيانًا مكتوبًا خلال عمليات الاعتقال، جاء فيه: “نحتجزكم للاشتباه في كونكم أعضاء أو مؤيدين لجماعة فلسطين أكشن المحظورة”.
احتجاجات سلمية ومشاهد صادمة
رفع المتظاهرون لافتات كتب عليها: “أنا أدعم العمل الفلسطيني”، ولوّحوا بالأعلام الفلسطينية. ووزع المنظمون أقلامًا وقطع كرتون ومواد استشارية قانونية قبل بدء الاعتصام.
لكن التوتر سرعان ما تصاعد: شوهد أحد المتظاهرين ينزف من وجهه أثناء اعتقاله، فيما صرخ آخر بأن الشرطة أصابت ظهره.
كما اعتُقل ستيف ماسترز، وهو جندي بريطاني مخضرم خدم 19 عامًا في سلاح الجو الملكي، بعد أن رفع لافتة صغيرة تدعم فلسطين.
وقد جُرّ من كرسيه المتحرك.
قال ماسترز قبل اعتقاله: “خدمتُ بلادي، وأشعر أن من واجبي أن أكون هنا. سواء اختلفت مع تكتيكات فلسطين أكشن أم لا، الحقيقة أن حكومتنا متواطئة في الإبادة الجماعية على أعلى مستوى”.
مشاركة واسعة ومكونات غير متوقعة
لم تقتصر المشاركة على النشطاء الشباب، بل شملت عائلات ناجين من المحرقة النازية، الذين جلسوا في صمت على المساحات الخضراء ومحاربين قدامى في الجيش البريطاني، رأوا أن حظر الحركة يستهدف حرية التعبير والحق في الاعتراض على السياسات الحكومية.
كما شوهد ضباط من شرطة لندن، وشرطة ويلز، وشرطة سوفولك يشاركون في العملية الأمنية المكثفة.
السياق القانوني والسياسي
حثت منظمة الدفاع عن هيئة المحلفين (DOJ)، التي دعت إلى الاحتجاج، المشاركين على حجب بياناتهم الشخصية لإجبار الشرطة على التعامل مع الاعتقالات بشكل جماعي.
وكانت المنظمة قد خططت لعقد مؤتمر صحفي الثلاثاء المقبل، لكنها أجلته بعد أن اعتُقل سبعة من المتحدثين الرئيسيين، بينهم المحامي الحكومي السابق تيم كروس لاند.
هؤلاء المعتقلون احتُجزوا لأكثر من المدة القانونية المسموح بها (24 ساعة)، وتمت مداهمة منازلهم.
وفي تطور قضائي، حصلت وزارة الداخلية يوم الخميس على حكم قانوني يسمح لها بالطعن في قرار مراجعة قضائية كانت مقررة في نوفمبر/تشرين الثاني بشأن شرعية حظر جماعة فلسطين أكشن.
ويمثل هذا العدد الكبير من الاعتقالات – الذي يقترب من الألف – تصعيدًا غير مسبوق في تعامل السلطات البريطانية مع الحراك المناصر لفلسطين.
ويرى مراقبون أن اعتماد قانون الإرهاب لملاحقة متظاهرين سلميين يرفعون لافتات ورقية قد يشكل سابقة خطيرة تهدد حرية التعبير والعمل السياسي في البلاد.