لعنة الـ25 عاماً تطارد ميركوسور: الاتحاد الأوروبي يؤجل الاتفاق مجدداً تحت وطأة الانقسامات الداخلية

by hayatnews
0 comment

قرر الاتحاد الأوروبي تأجيل توقيع اتفاقية التجارة الحرة الضخمة مع تكتل «ميركوسور» في أميركا الجنوبية مرة أخرى، في حلقة جديدة من مسار تفاوضي متعثر امتد لأكثر من 25 عاماً، بعدما أطاحت خلافات داخلية قديمة بمحاولة إبرام الصفقة قبل نهاية العام.

وأفادت صحيفة «بوليتيكو» أن تغييراً مفاجئاً في موقف رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في اللحظات الأخيرة أدى إلى إسقاط هدفها المعلن بتوقيع الاتفاق في 20 ديسمبر، ودفع الموعد إلى منتصف يناير المقبل، ما أعاد فتح باب الشكوك حول مصير واحدة من أكثر الاتفاقيات التجارية إثارة للجدل في تاريخ الاتحاد الأوروبي.

ويُفترض أن تنشئ الاتفاقية منطقة تجارة حرة واسعة بين الاتحاد الأوروبي وأربع دول في أميركا الجنوبية هي البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي، بما يجعلها من أكبر التكتلات التجارية في العالم.

غير أن المعارضة السياسية، لا سيما من دول ذات نفوذ زراعي قوي، حولت الاتفاق إلى ملف سام داخل أوروبا.

وتقود فرنسا وبولندا وإيطاليا جبهة الرافضين أو المتحفظين، إذ تخشى قطاعاتها الزراعية من تدفق منتجات زراعية أرخص من دول ميركوسور، وهو ما جعل الاتفاق اختباراً حقيقياً لقدرة بروكسل على التوفيق بين طموحاتها التجارية الخارجية والحفاظ على تماسكها الداخلي.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، قبيل انعقاد قمة المجلس الأوروبي، إن اتفاقية ميركوسور «تلعب دوراً محورياً في سياستنا التجارية»، مشددة على أن «الحصول على الضوء الأخضر أمر بالغ الأهمية». إلا أن الموقف الإيطالي قوض الخطة الموضوعة بعناية.

وبحسب الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، فقد وعدته ميلوني خلال اتصال هاتفي بدعم الاتفاق فور حصولها على تأييد المزارعين الإيطاليين، ما يعكس حجم الضغط الداخلي الذي تواجهه حكومتها.

وأضاف دبلوماسيون أن روما وافقت في نهاية المطاف على التأجيل رغم الضغوط المكثفة التي مارستها البرازيل في الأيام الأخيرة.

وأدى هذا التراجع إلى عدم توافر دعم كافٍ داخل الاتحاد الأوروبي يسمح لفون دير لاين بالسفر إلى البرازيل لتوقيع الاتفاق في الموعد المقرر، على الرغم من الاستثمارات السياسية الكبيرة التي بذلها الطرفان لإنجازه قبل أعياد نهاية العام.

ولا يقتصر التحدي على موافقة الحكومات فقط، إذ يواجه الاتفاق اختباراً أكثر تعقيداً داخل البرلمان الأوروبي، حيث تتصاعد المعارضة من أطياف سياسية مختلفة، ما يهدد بإسقاطه أو تعطيله لفترة طويلة.

ويحذر مؤيدو الاتفاق من أن أي تأجيل إضافي قد يمنح البرلمان فرصة لإحالة الاتفاقية إلى محكمة العدل الأوروبية، وهو مسار قد يجمد التصديق عليها لمدة تصل إلى عامين.

ورغم ذلك، سعت دول مؤيدة مثل ألمانيا إلى التقليل من شأن التأجيل. وقال مسؤول ألماني رفيع إن توقيع الاتفاق «يبدو مؤكداً في منتصف يناير»، مؤكداً أهمية هذا الموعد لتفادي سيناريو التعطيل القانوني.

من جانبه، عبّر بيرند لانغ، رئيس لجنة التجارة في البرلمان الأوروبي، عن أمله في أن «يتحلى شركاء أميركا اللاتينية بالصبر» في التعامل مع «اتحاد أوروبي متردد ومتحفظ»، في إقرار واضح بأن لعنة الانقسامات الأوروبية ما زالت تلاحق اتفاق ميركوسور بعد ربع قرن من المفاوضات.

You may also like

Leave a Comment