أعلنت قطر، اليوم الثلاثاء، أنها تجري مشاورات مكثفة مع سلطنة عُمان في محاولة لإحياء الزخم المتعثر في المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران بشأن الملف النووي، في وقت أعرب فيه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي عن تشاؤمه حيال فرص التوصل إلى اتفاق.
وقال رئيس وزراء قطر ، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن بلاده تقترح صيغة ثلاثية بالتعاون مع سلطنة عُمان لتقريب وجهات النظر بين واشنطن وطهران، مضيفًا خلال المنتدى الاقتصادي القطري: “نحن ننسق مع عمان لسد الفجوات المتبقية. آخر ما نريده هو سباق نووي جديد أو تصعيد عسكري في منطقتنا”.
وتأتي هذه التصريحات في وقت حساس تشهد فيه الجهود الدبلوماسية توترًا متزايدًا بسبب استمرار الخلاف حول حق إيران في تخصيب اليورانيوم. حيث وصف خامنئي، في خطاب له اليوم، حرمان بلاده من هذا الحق بأنه “خطأ فادح”، مضيفًا: “لا نعتقد أن المفاوضات ستصل إلى نتيجة. لا نعرف ما الذي سيحدث”.
ومنذ 12 أبريل/نيسان، استضافت سلطنة عُمان أربع جولات من المحادثات غير المباشرة بين وفدي الولايات المتحدة وإيران، إلا أن الجولة الخامسة المقررة في روما نهاية الأسبوع الجاري باتت مهددة بالإلغاء، بعد إعلان طهران عدم قبولها الدعوة.
ونقل دبلوماسي إيراني كبير عن مفاوضين إيرانيين قولهم إن السبب الرئيسي لتعثر المفاوضات هو تمسك إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفض السماح بأي شكل من أشكال تخصيب اليورانيوم داخل إيران.
وقال المفاوض الأميركي، ستيف ويتكوف، يوم الاثنين، إن “التخصيب يمثل خطًا أحمر واضحًا للغاية بالنسبة لنا، ولن يكون جزءًا من أي اتفاق مستقبلي”.
وردًا على ذلك، قال نائب وزير الخارجية الإيراني، مجيد تخت روانجي، إن المحادثات محكوم عليها بالفشل إذا استمرت واشنطن في هذا الموقف، مضيفًا أن إيران تعتبر تخصيب اليورانيوم حقًا سياديًا غير قابل للتفاوض.
إشارات إيجابية… لكن الخلافات عميقة
رغم هذا التباين الحاد، أشار رئيس الوزراء القطري إلى وجود “زخم إيجابي” في المحادثات، مشيرًا إلى أن الرئيس الأميركي أبدى رغبة حقيقية في التوصل إلى تسوية سلمية.
وقال الشيخ محمد: “الرئيس ترامب يريد تجنب أي صراع أو تصعيد، وهذا يعكس قيادة سياسية واضحة. وقد لمست نفس الإيجابية من الجانب الإيراني خلال اتصالاتنا”.
وكان ترامب قد صرح في وقت سابق هذا الشهر بأن بلاده قدمت مقترحًا جديدًا لإيران بشأن الاتفاق النووي، مطالبًا طهران بـ”التحرك بسرعة” أو مواجهة “عواقب سيئة”.
وبينما تركز المفاوضات الجارية حاليًا على الأنشطة النووية الإيرانية فقط، من دون التطرق إلى برنامج الصواريخ الباليستية أو السياسات الإقليمية، أعرب مسؤولون إيرانيون عن قلقهم مما وصفوه بـ”المواقف الطموحة وغير المتسقة” من واشنطن.
وقال أحد هؤلاء المسؤولين: “نحن نحترم الوساطة العُمانية والجهود القطرية، لكن لا يمكننا المضي قدمًا إذا لم تُعترف حقوقنا الأساسية”.
وتؤكد طهران مرارًا أن برنامجها النووي مخصص لأغراض سلمية ومدنية فقط، فيما تصر واشنطن على ضمانات صارمة تحول دون أي إمكانية لاستخدام البرنامج في إنتاج أسلحة نووية.
وفي ظل انعدام الثقة المتبادل وتصاعد الخطاب السياسي من الطرفين، يبدو أن جهود قطر وعُمان لا تزال تواجه تحديات كبيرة. ورغم أن الوساطات الخليجية تحظى باحترام دولي، فإن تحقيق اختراق حقيقي في هذا الملف سيعتمد على مدى استعداد واشنطن وطهران لتقديم تنازلات في قضية التخصيب، التي تمثل حجر الزاوية في الأزمة.
وبين التفاؤل القطري والتشاؤم الإيراني، لا تزال المنطقة تترقب ما إذا كانت هذه الجهود ستنجح في تجنيب الشرق الأوسط موجة تصعيد جديدة، أم أن خلافات التخصيب ستعيد شبح المواجهة إلى الواجهة.