قراءة ف إطلاق ترامب محاولته للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران

by hayatnews
0 comment

أطلق الرئيس دونالد ترامب يوم الإثنين الماضي محاولته للتوصل إلى اتفاق نووي مع إيران باستخدام أسلوب مألوف: مؤتمر صحفي صاخب في المكتب البيضاوي يكشف فيه عن خطته التفاوضية بينما يجلس حليف متحفظ إلى جانبه وهو غير مرتاح.

هذه المرة كان الشخص الجالس إلى جانب ترامب هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لم يكرر خطأ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، حين قاطع ترامب في فبراير لطرح حجج مضادة، فقد اختار نتنياهو التزام الصمت إلى حد بعيد تجاه محاولة ترامب الدبلوماسية مع العدو الرئيسي لإسرائيل، رغم قلق بلاده.

ترامب معروف بإلقاء “قنابل خطابية”، حتى عندما لا يعرف إلى أين ستؤدي.

حدث ذلك في محاولته للسلام في أوكرانيا، التي يبدو أنها زادت من وتيرة القتال، وإعلانه عن الرسوم الجمركية التي هزت الأسواق المالية، والآن دعوته لمحادثات مباشرة مع إيران، مرفقة بتهديد بعمل عسكري في حال فشل الدبلوماسية.

قوبل إعلان ترامب المفاجئ عن محادثات “مباشرة” مع مسؤول إيراني “رفيع المستوى” بنفي سريع من وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الذي أكد أن إيران وافقت فقط على محادثات غير مباشرة.

وأوضح مسؤول في الإدارة الأمريكية أن فريق المبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أرسل رسائل عبر سلطنة عمان – حيث كان من المقرر عقد اللقاء – تدعو إلى محادثات مباشرة، وأضاف المسؤول أنه إذا لم تكن المحادثات مباشرة، فقد لا يذهب ويتكوف إلى عمان.

وقال المسؤول: “لن نُستخدم كأدوات”، مشدداً على أن كسر حاجز انعدام الثقة العميق بين الطرفين يتطلب “نقاشاً شاملاً” و”توافقاً في الرؤى”، وأفاد مسؤولان في الإدارة بأن ويتكوف قد يسافر إلى طهران إذا وُجّهت له دعوة.

إيران تبدو مهتمة لكنها متوترة، ففي مقال نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، قال عراقجي إن إيران ترى في مبادرة ترامب “محاولة حقيقية لتوضيح المواقف وفتح نافذة نحو الدبلوماسية”، وكتب متحدثا عن رغبة ترامب المعلنة في إنهاء “الحروب التي لا تنتهي” قائلا: “لا يمكننا تخيل أن الرئيس ترامب يريد أن يصبح رئيساً أمريكياً آخر يغوص في حرب كارثية في الشرق الأوسط”.

ودعا عراقجي إلى بدء محادثات غير مباشرة قائلاً: “نحن مستعدون لتوضيح نوايانا السلمية واتخاذ التدابير اللازمة لطمأنة أي مخاوف، وبالمقابل، يمكن للولايات المتحدة أن تُظهر جديتها في الدبلوماسية بالتزامها بأي اتفاق يتم التوصل إليه. إذا قوبلنا بالاحترام، فسوف نبادله بالمثل”.

ويبدو أن ترامب يدرك أن إسرائيل ستكون الطرف الثالث غير المرئي في أي مفاوضات مع إيران، لذا كان لإعلانه عن رغبته في محادثات مباشرة فيما نتنياهو إلى جانبه دلالة واضحة، وتكهّن أحد المسؤولين بأن ترامب، رغم أسلوبه اللبق، أراد ضبط نتنياهو ومنع أي انتقاد إسرائيلي مسبق.

بدأ ترامب بقوله لنتنياهو: “أنا أفضل رئيس عرفته إسرائيل على الإطلاق”، ثم تحدث عن هدفه الدبلوماسي الطموح كبديل للحرب: “أعتقد أن الجميع يتفق على أن التوصل إلى اتفاق أفضل من اللجوء إلى الخيار الواضح [العسكري]، وهو ما لا أرغب في التورط فيه”.

وكما يفعل ترمب عادة، اقرن مبادرته التفاوضية بتصريحات تهديدية وقال: “إذا لم تنجح المحادثات مع إيران، أعتقد أن إيران ستكون في خطر كبير. الأمر ليس معقداً. لا يمكن لإيران امتلاك سلاح نووي. هذا كل شيء”.

وقد منح هذا العرض في المكتب البيضاوي ترامب فرصة لإظهار أمر لم ينجح فيه أسلافه الديمقراطيون، جو بايدن وباراك أوباما: توضيح من هو صاحب القرار أمام نتنياهو.

ولم يكتفِ ترامب بالإعلان عن عزمه التفاوض مع خصم إسرائيل الأكبر، بل قال أيضاً عن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان – والذي يُعد أحد أكبر مصادر القلق لدى إسرائيل: “أنا أحبه، وأعلم أنه يحبني”.

وللتأكيد، قال لنتنياهو: “أي مشكلة لديك مع تركيا، أعتقد أنني أستطيع حلّها – طالما أنك منطقي”، وهو تصريح غير معتاد في البيت الأبيض بالنسبة لنتنياهو.

وكانت نبرة اجتماع الإثنين مختلفة تماماً عن زيارة نتنياهو للبيت الأبيض في أوائل فبراير، حين تركزت النقاشات على آمال إسرائيل في دعم ترامب لأي عمل عسكري محتمل ضد منشآت إيران النووية، لكن المسؤولين أكدوا أن ترامب كان أكثر حرصاً على الدبلوماسية من العمل العسكري.

وكان ترامب بعث في فبراير رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي، مقترحاً إجراء محادثات نووية، لكنه حذر من أن أمام إيران مهلة لا تتجاوز الشهرين للدبلوماسية.

وكان رد إسرائيل هو الإصرار على أن يكون أي اتفاق جديد مع إيران على غرار “النموذج الليبي”، أي التفكيك الكامل لجميع معدات إنتاج الأسلحة النووية، أما إيران فقد وافقت في اتفاق 2015، الذي انسحب منه ترامب عام 2018، على قيود أكثر محدودية.

الوقت يمر، وليس فقط بالنسبة لمهلة الشهرين التي حددها ترامب، فمن المتوقع أن تعود العقوبات المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني لاحقاً هذا العام وفقاً لبنود “العودة السريعة” في اتفاق 2015، ويُعتقد أن إيران تملك ما يكفي من اليورانيوم عالي التخصيب لإنتاج عدة رؤوس نووية خلال أسابيع، لكن المحللين يقدرون أنها ستحتاج إلى عام أو أكثر لتطوير رأس نووي قابل للتركيب على صاروخ باليستي.

سيتعمق انخراط ترامب في شؤون الشرق الأوسط مع زيارته المرتقبة إلى السعودية وقطر والإمارات، على الأرجح الشهر المقبل، فهل يمكن أن يُدرج طهران ضمن وجهاته إذا كانت المحادثات الأولية بين ويتكوف وعراقجي مثمرة؟ الجواب: من يدري بالأخذ بنظر الاعتبار ميل ترامب الدائم للدراما والصفقات الكبرى.

You may also like

Leave a Comment