فون دير لاين تدافع عن عن الاتفاق التجاري المثير للجدل مع واشنطن

by hayatnews
0 comment

دافعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن الاتفاق التجاري المثير للجدل الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مؤكدة أن فشل الطرفين في التوصل إلى تفاهم كان سيشكل هدية استراتيجية لكل من موسكو وبكين. وقد جاءت تصريحاتها في وقت يتعرض فيه الاتفاق لانتقادات حادة، باعتباره تنازلًا أوروبيًا يهدد صورة بروكسل كمدافع تاريخي عن التجارة القائمة على القواعد.

وفي مقال رأي نشرته صحيفة إل موندو الإسبانية مساء السبت، كتبت فون دير لاين: “تخيلوا للحظة أن أكبر اقتصادين ديمقراطيين لم يتمكنا من التوصل إلى اتفاق، وبدلاً من ذلك أطلقا حربًا تجارية – لن تحتفل سوى موسكو وبكين”، مضيفة أن الاتفاق الإطاري المكوَّن من أربع صفحات كان خيارًا متعمدًا “للاستقرار والقدرة على التنبؤ بدلاً من التصعيد والمواجهة”.

الاتفاق الذي جرى التوصل إليه الأسبوع الماضي، يضع سقفًا للتعريفات الجمركية الأميركية على معظم صادرات الاتحاد الأوروبي عند 15%، بما في ذلك السيارات والأدوية، كما يمنح إعفاءات خاصة للأدوية الجنيسة وقطع غيار الطائرات.

انتقادات داخلية حادة

مع ذلك، حذر خبراء من أن هذا الاتفاق قد يضعف مكانة أوروبا كمحور للنظام التجاري متعدد الأطراف. وقال باسكال لامي، المدير العام السابق لمنظمة التجارة العالمية، إن الصفقة “تهدد بتقويض مصداقية الاتحاد الأوروبي، الذي طالما قدّم نفسه كمدافع عن التجارة القائمة على القواعد”.

ويرى المنتقدون أن بروكسل رضخت لابتزاز ترامب عبر الرسوم الجمركية، بدلاً من الدفاع بقوة عن قواعد منظمة التجارة العالمية، وهو ما قد يفتح الباب أمام صفقات ثنائية مشابهة تضعف النظام التجاري العالمي.

“نتيجة فريدة” لأوروبا

لكن فون دير لاين أصرت على أن الاتحاد الأوروبي حقق نتيجة استثنائية مقارنة بشركاء آخرين للولايات المتحدة. وقالت: “لقد حصلنا على سقف تعريفة موحد بنسبة 15%، على عكس المعدلات المتدرجة التي تطبقها واشنطن على بقية شركائها التجاريين”.

كما أكدت أن الاتفاق لم يمس بأي شكل قواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بسلامة الغذاء أو القواعد الصحية أو الرقمية، التي تُعد من أكثر الملفات حساسية في المفاوضات التجارية.

وسعت فون دير لاين إلى وضع الاتفاق في إطار أوسع، مشيرة إلى جهود الاتحاد الأوروبي لتنويع شراكاته التجارية عالميًا. وأكدت أن بروكسل تمضي قدمًا في تنفيذ اتفاقيات موقعة مع المكسيك وتكتل ميركوسور في أميركا الجنوبية، فضلاً عن هدفها المعلن بالتوصل إلى اتفاق تجاري مع الهند قبل نهاية العام الجاري.

وشددت على أن هذه الجهود تمثل جزءًا من سياسة أوروبية تهدف إلى تقليل الاعتماد على شريك واحد – سواء كان الولايات المتحدة أو الصين – وضمان أن يكون للاتحاد الأوروبي موقع متوازن في سلاسل التجارة العالمية.

دعوة لإصلاح السوق الداخلية

في الوقت ذاته، رددت فون دير لاين تحذيرات الاقتصادي البارز ورئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراغي، الذي دعا مؤخرًا إلى إزالة العوائق داخل السوق الأوروبية الموحدة باعتبارها تمثل تهديدًا للنمو أكبر من أي رسوم جمركية تفرضها واشنطن.

وكتبت فون دير لاين: “إذا أرادت أوروبا إطلاق العنان لإمكاناتها بالكامل، فإن التحدي الأكثر إلحاحًا هو إزالة الحواجز داخل السوق الداخلية قبل أي شيء آخر”.

ويرى مراقبون أن دفاع فون دير لاين يعكس محاولة لطمأنة الداخل الأوروبي بأن الاتفاق لم يكن خضوعًا لترامب، بل خيارًا براغماتيًا يهدف إلى حماية الاقتصاد الأوروبي من حرب تجارية مدمرة. غير أن التساؤلات تبقى قائمة حول مدى استعداد الاتحاد للتضحية بمبادئه في سبيل الاستقرار قصير المدى.

ففي حين ترى بروكسل أن الاتفاق يمثل حماية لمصالحها الاستراتيجية ومنعًا لانزلاق اقتصادي خطير، فإن النقاد يحذرون من أن ثمن هذا الاستقرار قد يكون خسارة تدريجية لدور أوروبا كـ”بطل للتجارة القائمة على القواعد”.

You may also like

Leave a Comment