انتهت قمة التصحر COP16 التي استضافتها المملكة العربية السعودية دون التوصل إلى اتفاق ملزم قانونيًا بشأن الاستجابة للجفاف، حيث واجهت عملية الأمم المتحدة صعوبات في التغلب على الخلافات مع الدول المنتجة للوقود الأحفوري.
جاء ذلك عقب فشل التوصل إلى قرار نهائي في قمة التنوع البيولوجي التابعة للأمم المتحدة في كولومبيا، التي استمرت المحادثات فيها إلى ما بعد الموعد المحدد، كما واجهت الجولة الأخيرة من معاهدة الأمم المتحدة للبلاستيك في كوريا الجنوبية عقبات مماثلة بسبب اعتراضات من دول، بما في ذلك السعودية وروسيا.
وعُقدت قمة التصحر تحت شعار “أرضنا. مستقبلنا” على مدى أسبوعين في الرياض، وكانت أكبر مؤتمر للأمم المتحدة بشأن الأراضي حتى الآن، بمشاركة ما يقرب من 200 دولة، إضافة إلى منظمات المجتمع المدني ومجموعات الشعوب الأصلية. اختُتمت القمة صباح يوم السبت، متأخرة عن موعدها المحدد يوم الجمعة، حيث دفعت الدول الفقيرة نحو اتفاق ملزم بشأن الجفاف.
وقد دفعت الدول الإفريقية بشكل خاص باتجاه إنشاء بروتوكول قانوني ملزم بشأن الجفاف، بينما سعى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى إطار عمل أقل عبئًا من الناحية الاقتصادية ولكنه جاهز للتنفيذ.
وقال إبراهيم ثياو، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD)، في الجلسة الختامية: “تحتاج الأطراف إلى مزيد من الوقت للاتفاق على أفضل طريقة للمضي قدمًا لمعالجة القضية الحرجة للجفاف”.
وأوضح ثياو أن الأساس قد تم وضعه لنظام عالمي مستقبلي للاستجابة للجفاف، مع استمرار المناقشات في القمة القادمة COP17 في منغوليا عام 2026.
وكانت أبرز نتائج الحدث الذي استضافته السعودية هو التعهدات الجديدة بأكثر من 12 مليار دولار لترميم الأراضي والتأهب للجفاف تحت عنوان “الشراكة العالمية لمقاومة الجفاف في الرياض”.
دور السعودية البيئي
سلطت النتائج الضوء على جانبين بارزين من دور السعودية في القضايا البيئية. تحت قيادة ولي العهد محمد بن سلمان، سعت المملكة إلى أن تكون لاعبًا رئيسيًا في الساحة العالمية عبر إطلاق مبادرات محلية وإقليمية تهدف إلى خفض انبعاثات الغازات الدفيئة، ولكن دون تقليل إنتاج النفط والغاز. يُعتبر احتراق الوقود الأحفوري أكبر مساهم في تغير المناخ.
تهدف مبادرة السعودية الخضراء إلى خفض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنويًا بحلول عام 2030 والوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060. كما أطلقت المملكة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر التي تستهدف خفض أكثر من 60% من الانبعاثات الناتجة عن إنتاج الهيدروكربونات الإقليمية وزراعة 50 مليار شجرة.
ومع ذلك، ومع استمرار السعودية في الاعتماد على عائدات النفط لتمويل المشاريع المختلفة التي أطلقتها في السنوات الأخيرة كجزء من خطة تنويع الاقتصاد، تم تحديد المملكة مرارًا من قبل المفاوضين الدوليين كعائق أمام المناقشات المتعلقة بمكافحة تغير المناخ.
اتهامات وتحديات دولية
تواجه السعودية اتهامات بمحاولة تعطيل الجهود المبذولة للانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري، وهو ما تم الاتفاق عليه في قمة المناخ COP28 العام الماضي، إضافة إلى منع اتخاذ إجراءات بشأن قضايا أوسع مثل التأثيرات المتعلقة بتغير المناخ على النوع الاجتماعي في قمة المناخ COP29 في باكو نوفمبر الماضي.
جاء الإشارة المباشرة الوحيدة إلى تغير المناخ في الجلسة الختامية لقمة التصحر عندما أشار الأمين التنفيذي للأمم المتحدة ثياو إلى “التحديات المترابطة، مثل تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي وانعدام الأمن الغذائي والهجرة والأمن العالمي”.
وقد رفض المسؤولون السعوديون الاتهامات بأنهم يسعون إلى عرقلة الإجماع. وأشاروا إلى استضافة أحداث مثل COP16 كدليل على التزامهم بالقضايا البيئية.
مع ذلك، قالت عدة دول غربية إن السعودية حاولت دفع التزامات ضعيفة بشأن تغير المناخ في محادثات مجموعة العشرين وفي ميثاق الأمم المتحدة للمستقبل هذا العام، وكذلك في مناقشات دولية أخرى.
صرّح وزير من إحدى دول مجموعة السبع بأن هناك “ضغوطًا غير معقولة” من السعودية هذا العام. وقال مفاوض من دولة في مجموعة العشرين: “إنهم يتفاوضون بقوة حقًا”.