الانتخابات البلدية في تركيا: توبيخ صارخ لحزب العدالة والتنمية

by hayatnews
0 comment

أجرت تركيا، يوم الأحد 31 مارس/آذار، انتخابات بلدية في جميع أنحاء البلاد انتهت بتوجيه صارخ لحزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد منذ أكثر من عقدين.

وكانت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات تشير إلى تقدم المعارضة لكن كثيرين أعربوا عن قلقهم من أن سيطرة الحكومة على معظم وسائل الإعلام ومؤسسات الدولة.

وذلك إلى جانب عدم وجود قائمة موحدة لمرشحي المعارضة والضيق العام الناجم عن الأداء الباهت للمعارضة في الانتخابات العامة لعام 2023، سيكون كافياً للسماح للرئيس رجب طيب أردوغان بالبقاء في السلطة.

لقد سعى حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان إلى استعادة المدن الكبرى مثل إسطنبول في هذه الانتخابات لكنه وحلفائه تلقوا هزيمة ساحقة في صناديق الاقتراع، الأمر الذي شكل صدمة للنظام السياسي ودفعة معنوية كانت المعارضة المحاصرة في أمس الحاجة إليها.

فالمعارضة لم تحتفظ بسيطرتها على المناطق الحضرية الكبرى الثلاث في أنقرة وإسطنبول وإزمير فحسب، بل إنها أسقطت سيطرة حزب العدالة والتنمية التي طال أمدها على البلدات والمدن في جميع أنحاء البلاد.

فما الذي حدث؟ أولا: امتلكت المعارضة مرشحين أكثر جاذبية للانتخابات البلدية مما كان عليه الحال في الانتخابات العامة في مايو ويونيو من عام 2023، حيث يوضح نجاح أكرم إمام أوغلو، والذي فاز الآن بولايته الثانية كرئيس لبلدية إسطنبول، الفرص التي تمنحها رئاسة البلدية في تركيا لتنشئة قادة جدد يتمتعون بشخصية كاريزمية في صفوف الأحزاب السياسية التركية.

ثانيا: اتخذت حكومة أردوغان تدابير صارمة قصيرة المدى لإبقاء البطالة والتضخم منخفضين بشكل مصطنع قبل انتخابات عام 2023، ومنذ ذلك الحين، تسبب مزيج من التضخم المرتفع إلى عنان السماء والخطوات الرامية إلى ترشيد اقتصاد البلاد في جعل حياة المواطنين الأتراك العاديين مؤلمة للغاية، مع ارتفاع الإيجارات وأسعار السلع الأساسية بشكل كبير.

ثالثا: لأن أردوغان نفسه لم يكن مرشحًا، ولأنه لم يفكر كثيرا في رعاية عملية لتنمية السياسيين من ذوي الكاريزما داخل صفوف حزب العدالة والتنمية، فقد كان حزبه ممثلا بمرشحين باهتين، وكان هذا واضحاً بشكل خاص في اختيار مراد كوروم كمرشح حزب العدالة والتنمية لمنصب عمدة إسطنبول.

قد يكون كوروم قد بدا جيدًا على الورق وربما يكون أداة فعالة، لكنه كان أصغر كثيرا من ما يتطلبه موقعه خلال الحملة الانتخابية.

ورابعًا: يبدو أن الانقسام بين الأحزاب وانخفاض المخاطر نسبياً في الانتخابات البلدية قد دفع العديد من ناخبي حزب العدالة والتنمية التقليديين إلى التصويت لمرشحي المعارضة.

إن النجاح النسبي للحزب الإسلامي الجديد للرفاه في هذا الصدد أمر ملفت للانتباه، فمن خلال التصويت لصالح هذا الحزب، كان يمكن للناخبين، الذين كان من المعتقد ان ولائهم محسوم لحزب العدالة والتنمية، معاقبة الحزب الحاكم على إخفاقاته الاقتصادية وكذلك على استمرار علاقاته الدبلوماسية والتجارية مع إسرائيل.

تداعيات الانتخابات

لايزال اردوغان يسيطر على الهياكل الأساسية للدولة، بما في ذلك الولايات والمحاكم، وسيطرته على وسائل الإعلام لم تتضرر ايضًا.

ومن المرجح أن يكون من المغري استخدام هذه الأدوات ضد البلديات التي تسيطر عليها المعارضة في الأشهر المقبلة، فبعد كل شيء، كان هذا هو التكتيك الذي استخدمته حكومته بعد انتخابات عام 2019، عندما استولى أمناء عينتهم الحكومة على العشرات من البلديات التي سيطرت عليها المعارضة.

وتم سجن العديد من رؤساء البلديات المنتخبين حديثًا، لكن هناك حدود لهذه التكتيكات، فقد حققت أحزاب المعارضة انتصاراً كانت في أمس الحاجة إليه، إلى جانب العائدات المالية التي تقدمها السيطرة على العقود البلدية وهو الأمر الذي سيسمح لها للاستمرار للقتال في يوم آخر.

وفي هذه الأثناء، لا بد أن يكون تفكير أردوغان بشأن مستقبل حزبه ودوره في الأمة موضع شك بالتأكيد، فقد  خطط للتقاعد في نهاية فترة ولايته الحالية التي تمتد لخمس سنوات (كما هو مطلوب دستوريا)، فهل يستطيع نقل السلطة إلى جيل جديد مع الاحتفاظ بسيطرة حزب العدالة والتنمية على البلاد؟ وهل التغيير الدستوري ممكن؟ لا بد أن هذه الأسئلة تلوح في ذهنه هذا الأسبوع، وهو يقوم بتقييم التوبيخ الذي وجهه إليه الناخبون يوم الأحد.

You may also like

Leave a Comment