استيقظ سكان لندن، صباح الاثنين، على أزمة نقل خانقة مع توقف شبكة مترو الأنفاق بالكامل بسبب إضراب عمال السكك الحديدية، في تحرك نقابي غير مسبوق منذ ثلاث سنوات، أربك حياة الملايين وألقى بظلاله الثقيلة على الاقتصاد المحلي.
فقد أُغلقت معظم محطات المترو، فيما اضطر الركاب إلى البحث عن بدائل حيث ركض البعض أو استخدموا الدراجات للوصول إلى أعمالهم ولجأ آخرون إلى التاكسي النهري، بينما امتلأت الحافلات عن آخرها حتى صارت غير قادرة على استيعاب مزيد من الركاب.
ولوحظ انهيار موقع هيئة النقل في لندن (TfL) الإلكتروني، مع تدفق أعداد كبيرة من الزوار لمحاولة فهم حالة الشبكة.
وقد تزامن هذا الإضراب مع الأسبوع الأول للعودة إلى العمل والدراسة بعد عطلة الصيف، ما ضاعف من حدة الاضطراب.
أسباب النزاع
نقابة السكك الحديدية والبحري والنقل (RMT)، التي تضم السائقين وعمال الإشارات والصيانة، أطلقت سلسلة من الإضرابات للمطالبة بتحسين الأجور وظروف العمل.
عرضت هيئة TfL زيادة أجور بنسبة 3.4%، ووصفتها بأنها “عادلة”.
النقابة رفضت العرض، مؤكدة أن الخلاف لا يتعلق بالأجور فقط، بل يشمل إدارة الإرهاق، وأنماط العمل، وتقليص أسبوع العمل.
يمتد أسبوع العمل حاليًا إلى 35 ساعة، وتطالب النقابة بتخفيضه، وهو ما تعتبره TfL “غير معقول على الإطلاق” لأنه سيكلف مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية.
قال أحد ممثلي النقابة: “نحن لا نضرب لإزعاج الجمهور، بل لمطالبة الإدارة بخفض أسبوع العمل ولو بشكل طفيف، للحد من الإرهاق والآثار الصحية الناتجة عن المناوبات الطويلة”.
وأشار إلى أن TfL حققت فائضًا قدره 166 مليون جنيه إسترليني العام الماضي، مع ميزانية تشغيلية تبلغ 10 مليارات، ما يجعل تخفيض ساعات العمل أمرًا ممكنًا من الناحية المالية.
ارتباك اقتصادي واجتماعي
UKHospitality، التي تمثل قطاع الضيافة، قدرت خسائر أعضائها بحوالي 110 ملايين جنيه إسترليني هذا الأسبوع، فيما قد يصل التأثير الكلي على اقتصاد لندن إلى الضعف.
السياحة تضررت أيضًا، حيث اضطرت فرقة الروك البريطانية كولدبلاي إلى إعادة جدولة حفلين في ويمبلي، وأرجأ المغني الأمريكي بوست مالون عرضيه إلى وقت لاحق من الشهر.
في هذه الأثناء واجه عمدة لندن صادق خان انتقادات حادة لعدم ظهوره المبكر على الساحة، إذ اتهمه نواب محافظون بأنه “غائب عن المشهد”. وبدلاً من التعليق على الإضراب صباح الاثنين، نشر خان مقطع فيديو عن إعادة تطوير ساحة غروسفينور، مما أثار استياء المنتقدين.
ما هو قادم؟
من المتوقع أن تستمر الإضرابات حتى الجمعة، مع توقف خدمات Docklands Light Railway يومي الثلاثاء والخميس ضمن نزاع منفصل.
سيعمل خط إليزابيث (المؤدي إلى مطار هيثرو) والسكك الحديدية فوق الأرض، لكن مع ازدحام شديد متوقع.
قال نيك دنت، مدير عمليات العملاء في مترو لندن: “هذه التحركات ستكون ضارة جدًا. بخلاف الإضرابات السابقة، مجموعات مختلفة من العمال ستخرج في أيام مختلفة، ما يعني أن التأثير سيكون أكثر شمولًا واستمرارية”.
