قالت شبكة “CNN” الأمريكية إنه على الرغم من التعهد بشن “معركة بلا حدود” ضد إسرائيل، يبدو أن رد حزب الله على الهجمات الإسرائيلية المتتالية قد تم معايرته بعناية.
وبحسب الشبكة تمكنت الضربة التي شنها الحزب يوم الأربعاء والتي تم اعتراضها بالقرب من تل أبيب، من أن تكون غير مسبوقة ومُهينة على حد سواء، بعد أن حققت العديد من السوابق.
إذ كانت المرة الأولى التي أطلق فيها حزب الله ما قال إنه صاروخ باليستي على إسرائيل؛ وهي المرة الأولى التي يصل فيها صاروخ بالقرب من تل أبيب من لبنان.
كما أنها المرة الأولى التي وفى فيها حسن نصر الله، زعيم حزب الله بوعده بالرد على الضربات الإسرائيلية على بيروت بضربات على تل أبيب، ولكن بالنظر إلى قوة الدفاعات الجوية الإسرائيلية، كان من المرجح دائما أن يتم إسقاط صاروخ واحد – حتى لو كان بالستيًا.
ومع تزايد خطر الحرب الشاملة بين إسرائيل وحزب الله – ومؤيديهما من الأمريكيين والإيرانيين – كل يوم، يمكن اعتبار الصاروخ الوحيد على تل أبيب تهديدا ووقفا وامتناعا.
إذ يبدو أن حزب الله يقول: لدينا أسلحة قوية تحت تصرفنا، وصديق قوي يمكننا أن نكلمه فلا تجربونا.
وأكدت الشبكة أن جماعة حزب الله لم تخلع قفازاتها بعد فهي تمتلك مجموعة من الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى في ترسانتها، ولكن يبدو أن ضربة الأربعاء كانت إشارة إلى مدى قوة الضربة التي يمكن لحزب الله أن يقوم بها مستقبلًا.
وهذه الضربة هي الشق الأخير في التصعيد المحسوب من قبل حزب الله حيث يسعى إلى الرد على حملة إسرائيلية مكثفة لإجبار الجماعة على وقف إطلاق النار على أقصى شمال الأراضي الإسرائيلية، ويجدر بنا أن نتذكر كيف وصلنا إلى هذه المرحلة.
انضم حزب الله إلى القتال ضد إسرائيل تضامنا مع الفلسطينيين في غزة بعد هجمات حماس في السابع من أكتوبر ضد إسرائيل.
المجموعة تجنبت حتى الآن حربا واسعة النطاق مع إسرائيل، وكانت هجماتها تقتصر إلى حد كبير على الضربات اليومية العابرة للحدود القريبة التي يرد عليها الجيش الإسرائيلي.
أجبرت الضربات أكثر من 60 ألف إسرائيلي على الفرار من منازلهم في شمال البلاد، لكن عدد الضحايا ظل منخفضا نسبيا، كما تم تفريغ الجانب اللبناني من الحدود من ما يقرب من 100 ألف من سكانه في الضربات الإسرائيلية كجزء من تبادل إطلاق النار.
لكن الأمور بدأت تتصاعد بعد أن أسفر هجوم صاروخي في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل عن مقتل 12 طفلا درزيا فقد اتهمت إسرائيل حزب الله بإطلاق الصاروخ، الذي جاء من اتجاه لبنان، لكن حزب الله نفى “بحزم” أنه كان وراء الضربة.
وبالرغم من ذلك، أصبح الوضع بالنسبة للمسؤولين الإسرائيليين، لا يمكن الدفاع عنه، وبدأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الانتقال من قتال حماس في غزة إلى حزب الله في لبنان، بدعم من حلفاء عدائيين على يمينه المتطرف.
شنت إسرائيل حربها في غزة لمدة عام تقريبا، من اجل تحقيق هدفين مزدوجين هما تدمير حماس وإعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.
في 16 سبتمبر، أضافت إسرائيل هدفا جديدا: ضمان العودة الآمنة للسكان من المجتمعات المحلية على طول حدودها مع لبنان إلى ديارهم وفي اليوم التالي، انفجرت مئات من اجهزة النداء التابعة لمقاتلي حزب الله في جميع أنحاء لبنان.
وفي اليوم التالي لذلك، انفجرت أيضا أجهزة اتصال حزب الله، وأسفر الهجومان التوأمان عن مقتل العشرات وإصابة الآلاف، مما وجه ضربة مهينة للمجموعة، ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن الهجمات، لكن الشبكة علمت أن الانفجارات كانت نتيجة لعملية مشتركة بين جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، الموساد، والجيش الإسرائيلي.
ولم تتوقف هجمات إسرائيل، حيث شنت غارة جوية على مبنى متعدد الطوابق في إحدى ضواحي بيروت اثناء اجتماع مجموعة من قوة رضوان النخبة التابعة لحزب الله، مما أسفر عن مقتل زعيمها إبراهيم عقيل وعدد من الشخصيات الرفيعة المستوى الأخرى.
كما قتلت غارة جوية أخرى هذا الأسبوع إبراهيم قبيسي، وهو مسؤول كبير آخر قاد وحدات الصواريخ التابعة لحزب الله.
وقام حزب الله أيضا بتوسيع أهدافه الحربية بتكتم بسبب أكبر الضربات على الإطلاق التي تلقاها هيكله العسكري، وقالت المجموعة إنها أطلقت الصاروخ الباليستي يوم الأربعاء لدعم الفلسطينيين في غزة، والأهم من ذلك، “للدفاع عن لبنان وشعبه” – وهو اعتراف صريح بأنها الآن متورطة في صراع لحماية أراضيها.
وبالرغم من امتناع كلا الجانبين عن الإعلان عن أنهما في حالة حرب مع بعضهما البعض، إلا ان تزايد الأهداف في كل الطرفين يمكن ان يحسم الجدل بشأن وجود حرب.
ويصر حزب الله على أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في لبنان حتى يكون هناك وقف في غزة، ولا تصر حكومة نتنياهو على أنه لن يكون هناك وقف لإطلاق النار في غزة فحسب، بل إن جبهتها مع لبنان تجعل إمكانية التوصل إلى صفقة أكثر صعوبة.
وقال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب إن الهجوم الإسرائيلي شرد ما يصل إلى نصف مليون شخص، وشوارع بيروت فارغة، حيث تحث السفارات الأجنبية مواطنيها على الفرار من البلاد وينتقل العديد من اللبنانيين إلى الشمال.
ويلحق الصراع العسكري المتزايد مزيدا من اليأس على سكان لبنان المنهكين بشكل متزايد بعد سنوات من الأزمات، وحقيقة أن حزب الله والسلطات اللبنانية لم يطلقا على هذه الحرب اسم حتى الآن ليس شيئا يبعث على التفاؤل لأولئك الذين يعيشون في ظلال القصف والنزوح الجماعي.