غضب شعبي في سقطرى بعد رفع شركة إماراتية أسعار الوقود: اتهامات بالاحتكار واستغلال المعاناة

by hayatnews
0 comment

في خطوة أثارت موجة غضب عارم في أرخبيل سقطرى، رفعت شركة “المثلث الشرقي” الإماراتية، للمرة الثانية خلال شهر، أسعار المشتقات النفطية في الجزيرة اليمنية الواقعة تحت السيطرة العسكرية والسياسية لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من أبوظبي. وتُعد هذه الزيادة هي السابعة من نوعها في أقل من سبعة أشهر، في وقت يعاني فيه السكان من أزمة معيشية خانقة، وتدهور اقتصادي متصاعد.

وبحسب إفادات سكان محليين وتقارير صحفية يمنية، ارتفع سعر صفيحة الوقود سعة 20 لتراً إلى 54 ألف ريال يمني، بعدما كانت تباع بـ52 ألفاً، كما صعد سعر أسطوانة الغاز المنزلي الكبيرة إلى 68 ألف ريال، فيما بلغ سعر الأسطوانة الصغيرة 34 ألف ريال. وأكد السكان أن هذه الزيادة “غير مبررة”، وتأتي في ظل غياب أي تنافس في سوق الوقود، وسيطرة كاملة لشركة إماراتية واحدة.

احتكار إماراتي… واستغلال مكشوف
منذ سيطرة قوات المجلس الانتقالي على الجزيرة في منتصف عام 2020، تحولت شركة “المثلث الشرقي”، وهي شركة إماراتية، إلى المورد الحصري للمشتقات النفطية والغاز المنزلي في سقطرى. هذا الاحتكار منحها قدرة غير محدودة على فرض الأسعار، دون أن تواجه أي شكل من الرقابة أو المحاسبة من الجهات المحلية التابعة للمجلس الانتقالي.

وتقول مصادر محلية إن السكان يعيشون حالة من القلق واليأس، بسبب هذا الاستغلال المنهجي للأوضاع المعيشية المتدهورة، حيث يضطر الأهالي لقبول هذه الأسعار المرتفعة نظرًا لغياب البدائل. وقد أدت هذه الزيادات المتكررة إلى ارتفاع كبير في تكاليف النقل والسلع الأساسية، ما عمّق معاناة الأسر محدودة الدخل التي تشكل الغالبية العظمى من سكان الأرخبيل.

صمت رسمي ومطالب شعبية
في ظل هذا الوضع المتفاقم، طالب مؤتمر سقطرى الوطني بضرورة تدخل السلطات الشرعية والمجلس الرئاسي لإنهاء احتكار السوق ووقف السياسات التي قال إنها “تُكرس واقعًا اقتصاديًا يخدم أجندة النفوذ الإماراتي”.

وقال بيان صادر عن المؤتمر إن الشركة الإماراتية “تُمارس جشعًا ممنهجًا برعاية أطراف محلية”، داعيًا إلى فتح السوق أمام شركات بديلة وتحديد تسعيرة وقود موحدة أسوة ببقية المناطق المحررة، وإنقاذ السكان من “جحيم الأسعار والاحتكار”.

كما عبّر ناشطون محليون عن سخطهم من صمت السلطات المحلية التابعة للمجلس الانتقالي، متهمينها بـ”التواطؤ الكامل” مع الشركة الإماراتية في فرض سياسة الأمر الواقع الاقتصادية بعد نجاحها في فرض الأمر الواقع السياسي والعسكري.

أزمة إنسانية تتفاقم
تُعد سقطرى من أكثر المحافظات اليمنية تهميشًا وهشاشة، وتعاني من بنية تحتية شبه منهارة وغياب كامل للخدمات الأساسية، بما في ذلك الكهرباء المستقرة والمياه النظيفة والطرق المعبدة. وزادت سيطرة الإمارات على مفاصل الحياة الاقتصادية في الجزيرة من تعقيد الوضع، بعدما فرضت أبوظبي نفوذًا مطلقًا من خلال دعم قوات المجلس الانتقالي وتسخير موارد الجزيرة لخدمة مصالحها.

وتحذر منظمات حقوقية محلية من أن استمرار سياسات الرفع التدريجي للأسعار سيؤدي إلى موجة فقر أعمق ونزوح داخلي محتمل، في ظل انعدام الفرص وتدهور سبل العيش. كما أشار تقرير محلي إلى أن نسبة البطالة في الجزيرة تجاوزت 65%، في حين أن غالبية الأسر باتت عاجزة عن شراء الغاز المنزلي أو تشغيل المولدات الكهربائية.

استغلال استراتيجي لجزيرة حساسة
تتمتع سقطرى بموقع جغرافي بالغ الأهمية، عند ملتقى المحيط الهندي وبحر العرب، وهي من أبرز النقاط الاستراتيجية في المنطقة. ومنذ دخول الإمارات إلى المشهد اليمني، حرصت على تحويل الجزيرة إلى قاعدة نفوذ عسكري واقتصادي خاص بها، من خلال تمويل الميليشيات المحلية، والاستثمار في الموانئ، والسيطرة على خدمات النقل والمرافق.

وتعتبر صفقة احتكار الوقود مجرد واحدة من أدوات أبوظبي لفرض هيمنتها على الجزيرة، في إطار خطة أوسع لتحويلها إلى منصة نفوذ دائم بمعزل عن الحكومة الشرعية اليمنية.

وتؤكد الوقائع الميدانية في سقطرى أن النفوذ الإماراتي لم يعد عسكريًا أو أمنيًا فقط، بل أصبح اقتصاديًا ومعيشيًا يخنق السكان بشكل يومي. وفي ظل غياب السلطة الشرعية وتواطؤ قوات المجلس الانتقالي، تبقى الشركة الإماراتية في موقع المهيمن الوحيد، تمارس الرفع التدريجي للأسعار دون حسيب أو رقيب.

وتتزايد الدعوات الشعبية والحقوقية إلى تحرك وطني عاجل لكسر الاحتكار الإماراتي، واستعادة السيادة الاقتصادية على الجزيرة، قبل أن تتحول سقطرى من جوهرة الطبيعة اليمنية إلى رهينة لجشع الشركات ومشاريع الهيمنة الإقليمية.

You may also like

Leave a Comment