روسيا تشيد بالتحول في الاستراتيجية الأمنية الأميركية التي بشر بها ترامب “القوي”

by hayatnews
0 comment

أشادت روسيا بشكل لافت بالتحول الجذري في استراتيجية الأمن القومي الأميركية التي أعلن عنها الرئيس دونالد ترامب قبل أيام، معتبرةً أن الوثيقة الجديدة “تتوافق بدرجة كبيرة” مع رؤية موسكو للنظام الدولي، في خطوة تعكس مستوى التقارب غير المسبوق بين الجانبين منذ نهاية الحرب الباردة.

وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إن “التعديلات التي نشهدها في الاستراتيجية الأميركية تتوافق إلى حد كبير مع رؤيتنا، وربما نأمل أن يشكل ذلك ضمانة متواضعة لإمكانية مواصلة العمل المشترك بشكل بناء لإيجاد تسوية سلمية في أوكرانيا”.

ويعد هذا التصريح اعترافًا نادرًا من موسكو بالتقارب الاستراتيجي مع واشنطن، بعد سنوات من المواجهة السياسية والعقوبات المتبادلة.

ويعكس – وفق مراقبين – عمق التحول الحاصل في العلاقة بين الجانبين منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض مطلع العام الجاري.
ترامب “الرئيس القوي”

خلال مقابلة مطوّلة، اعتبر بيسكوف أن إدارة ترامب “مختلفة جذريًا” عن الإدارات الأميركية السابقة، قائلاً إن الرئيس الأميركي “قوي ولديه القدرة على تغيير توجه السياسة الخارجية بشكل واقعي”.

وأضاف أن الخطاب الجديد في واشنطن يمنح موسكو مساحة أوسع في الملفات العالقة، وعلى رأسها حرب أوكرانيا ومستقبل الأمن الأوروبي.

وتتضمن استراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة إعادة هيكلة واسعة لرؤية الولايات المتحدة لدورها العالمي، إذ تطرح خريطة طريق تتبنى مفاهيم قومية محافظة، وتعيد تعريف أولويات الأمن القومي بعد عقود من التدخلات العسكرية الأميركية في الخارج.

وبين أكثر النقاط إثارة للجدل في الوثيقة، ترديدها صدى أفكار “نظرية الاستبدال العظيم” – وهي نظرية يمينية متطرفة – عبر التحذير من “محو حضاري” محتمل في أوروبا بسبب الهجرة. وقد أثار تضمين هذا الخطاب انتقادات واسعة في العواصم الأوروبية.

وفي تحول غير مسبوق، تشير الوثيقة إلى أن الولايات المتحدة ستعيد تركيزها الأمني والسياسي نحو نصف الكرة الغربي، بدل الاستمرار في لعب الدور التقليدي للقوة العالمية المتدخلة في كل مناطق العالم.

ويُظهر هذا التحول – بحسب بيسكوف – أن الاستراتيجية الجديدة “لا ترى روسيا كخصم مباشر”، وهو اختلاف جوهري عن النسخ السابقة من الوثائق الأمنية الأميركية.

الناتو.. الحليف المربك

تطرح الوثيقة كذلك تساؤلات حول مدى موثوقية التزام بعض الدول الأوروبية بحلف شمال الأطلسي، مع التأكيد على نية واشنطن “إنهاء تصور الناتو كتحالف يتوسع باستمرار”، في إشارة إلى الجدل حول انضمام دول جديدة للحلف، وعلى رأسها أوكرانيا.

ورغم الترحيب الحذر الذي أبداه الكرملين، إلا أن بيسكوف نبّه إلى أن “ما يسمى بالدولة العميقة في الولايات المتحدة” قد تعرقل تنفيذ هذه التوجهات، قائلاً: “أحيانًا تُكتب الأمور بشكل جميل نظريًا، لكن الدولة العميقة تفعل شيئًا آخر”.

وفي المقابل، أثارت الاستراتيجية الجديدة ردود فعل أوروبية شديدة اللهجة.

إذ وصفت فاليري هاير، رئيسة كتلة التجديد الوسطية في البرلمان الأوروبي، الوثيقة بأنها “خطر غير مقبول”، معتبرة أن واشنطن تبث خطابًا يقوّض قيم الاتحاد الأوروبي.

أما وزير الخارجية الألماني يوهان فادفول، فحذر من “التدخل في التماسك الأوروبي”، مشددًا في الوقت نفسه على أن الولايات المتحدة “تظل الحليف الأهم لأوروبا داخل الناتو”.

وتشير التطورات الأخيرة إلى أن الاستراتيجية الأميركية الجديدة قد تفتح فصلًا جديدًا في العلاقات الدولية، يقوم على إعادة تعريف التحالفات التقليدية، ويفتح الباب أمام تقارب روسي–أميركي يثير قلق الحلفاء الأوروبيين ويعيد رسم ملامح النظام العالمي الحالي.

You may also like

Leave a Comment