حريق رمسيس يكشف ثغرات “مصر الرقمية”: البنية التحتية في مهب الفوضى

by hayatnews
0 comment

تسبب حريق اندلع في مركز اتصالات رمسيس بوسط القاهرة يوم 7 يوليو الجاري في شلل واسع ضرب البنية الرقمية الحيوية في مصر، وكشف عن ثغرات خطيرة في الهيكل التكنولوجي المركزي للدولة، وفق ما أكده خبراء ونشطاء في مجال التكنولوجيا لموقع Middle East Eye.

بدأ الحريق عند الساعة الرابعة مساءً، وتسبب خلال دقائق في انقطاع الاتصالات والإنترنت في 20 من أصل 27 محافظة، وتعطّل خدمات البنوك، والمدفوعات الإلكترونية، ومحطات الوقود، وتطبيقات حجز السيارات، والمطارات، وحتى خطوط الطوارئ. سقط أربعة قتلى وأكثر من 27 مصابًا، وأُعيد اشتعال الحريق في اليوم التالي، رغم إعلان السيطرة عليه.

الانهيار كشف ضعف البنية المركزية

قال أحد خبراء أمن الاتصالات، طلب عدم ذكر اسمه: “ما حدث لم يكن خللًا عابرًا، بل أزمة وطنية أثبتت أن ضربة واحدة لبنية تحتية مركزية قادرة على شلّ الدولة”.

رغم تأكيد وزير الاتصالات عمرو طلعت أن خدمات الطوارئ لم تتأثر، كشفت منصة “صحيح مصر” للتحقق من المعلومات أن خطوط الإسعاف والشرطة والإطفاء تعطلت في محافظات عدّة، في تناقض مع الرواية الرسمية.

وشهدت العاصمة، بالإضافة إلى الجيزة والإسكندرية، توقفًا شبه تام في النشاط الاقتصادي والخدمات العامة. وتعطّلت أنظمة مطار القاهرة وتأخرت 69 رحلة جوية. كما أوقفت البورصة المصرية تداولاتها في اليوم التالي.

فشل الحوكمة التقنية

نواب في البرلمان المصري وصفوا الحادث بأنه “ضربة تكنولوجية” للدولة، وانتقدوا غياب خطط الطوارئ والتكرار. وقال النائب فريدي البياضي: “المشكلة لا تكمن فقط في الحريق، بل في نظام كامل مبني على لوحة مفاتيح قديمة”.

ورغم تأكيد وزارة الاتصالات أن مركز رمسيس ليس الوحيد، أظهرت بيانات شبكات الإنترنت أن مستوى الاتصال الوطني انخفض إلى 62% خلال الحريق، ما يشير إلى الدور المركزي للمركز في توجيه حركة الإنترنت الوطنية.

وأكدت مؤسسة “مسار”، المعنية بحقوق التكنولوجيا، في ورقة بحثية أن الانقطاع كان فوريًا ولامس مزودي خدمات الإنترنت كافة، واعتبرت أن مصر تعتمد بشكل مفرط على البنية التحتية القديمة والمركزية، ما يجعلها عرضة لانهيارات مستقبلية كارثية.

غياب أنظمة الطوارئ والتكرار

يحذر مختصون من أن مصر تنفق مليارات على “التحول الرقمي” دون تطوير آليات الحماية الأساسية، مثل مراكز البيانات الاحتياطية وبروتوكولات الاسترداد الآلي. وقال مستشار اتصالات في القاهرة: “لا يجوز أن تكون منشأة واحدة نقطة فشل واحدة (Single Point of Failure). كان بالإمكان تجنّب الانهيار”.

إرث أمني قديم

منشأة رمسيس، التي تعود إلى عام 1927، لعبت دورًا مركزيًا خلال ثورة 2011، حين أُغلقت منها شبكات الإنترنت بقرار أمني، بحسب تقارير دولية. ولا تزال الرقابة الحكومية الصارمة تحكم قطاع الاتصالات رغم تحريره رسميًا.

وعليه فإن الحريق كشف أن التحول الرقمي في مصر لا يزال شكليًا ما لم يُدعّم ببنية مرنة ولا مركزية، وشفافية في الإدارة، واستعداد حقيقي للأزمات. ومع استمرار المخاوف من كوارث تقنية مشابهة، يبقى سؤال: هل تتعلّم الدولة من هذا الدرس؟.

You may also like

Leave a Comment