رئيس الأمن القومي الإيراني في بيروت وسط جدل نزع سلاح حزب الله

by hayatnews
0 comment

وصل علي لاريجاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، إلى العاصمة اللبنانية في زيارة رسمية رفيعة المستوى، هي الأولى له خارج إيران منذ توليه منصبه، وذلك في وقت حساس يشهد تصعيدًا سياسيًا وأمنيًا مرتبطًا بقرار الحكومة اللبنانية نزع سلاح حزب الله، الذراع المسلحة المدعومة من طهران.

استقبال رسمي وحزبي
حطت طائرة لاريجاني في مطار رفيق الحريري الدولي قادمة من بغداد، وكان في استقباله وفد من مسؤولي حزب الله وممثلون عن رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أشرف على تنظيم الزيارة. ومن المقرر أن يلتقي لاريجاني خلال اليوم كلًّا من الرئيس اللبناني جوزيف عون، ورئيس الوزراء نواف سلام، إضافة إلى نبيه بري.

وفي تصريحات مقتضبة فور وصوله، قال لاريجاني: “إيران ستقف دائمًا إلى جانب لبنان، وإذا تألم الشعب اللبناني يومًا ما، فسنشعر نحن في إيران بهذا الألم أيضًا”.

خلفية القرار التاريخي
تأتي هذه الزيارة بعد أسبوع واحد فقط من إقرار الحكومة اللبنانية قرارًا تاريخيًا بنزع سلاح حزب الله، وهو ما أثار جدلاً واسعًا داخل البلاد وخارجها. القرار الذي أُقر في البرلمان شهد انسحاب جميع النواب الشيعة احتجاجًا، فيما أوكلت السلطات للجيش اللبناني إعداد خطة عملية – يُنتظر تسليمها نهاية الشهر – لتنفيذ النزع الكامل للسلاح بحلول نهاية العام الجاري.

ردود حزب الله والشارع
أثار القرار غضب حزب الله الذي أعلن أنه سيتعامل معه كما لو أنه “غير موجود”، معتبرًا أنه يستهدف المقاومة ويخدم أجندات خارجية. وشهدت مناطق ذات قاعدة شعبية للحزب احتجاجات ليلية تخللتها مسيرات وقطع طرقات، في إشارة إلى رفض الشارع المؤيد للحزب لخطط الحكومة.

البعد الإقليمي والدولي
بحسب مقترحات أمريكية طُرحت في الكواليس، فإن تنفيذ خطة نزع السلاح سيتزامن مع انسحاب كامل لإسرائيل من الأراضي اللبنانية، لكن مراقبين يرون أن فرص ذلك ضعيفة بالنظر إلى سجل إسرائيل في لبنان وسوريا، واستمرار عملياتها العسكرية في المنطقة. رغم ذلك، أكد الرئيس جوزيف عون أن الدولة اللبنانية مصممة على بسط سلطتها على جميع الأراضي وكل الأسلحة داخل البلاد.

الموقف الإيراني والانتقادات اللبنانية
إيران لم تُخفِ معارضتها الشديدة للخطوة اللبنانية. فقد صرح علي أكبر ولايتي، كبير مستشاري المرشد الأعلى الإيراني، بأن طهران “تعارض قطعًا نزع سلاح حزب الله”، واعتبر أن الحزب يمثل عنصرًا أساسيًا في “مقاومة الاحتلال الإسرائيلي”.

هذه التصريحات قوبلت برد رسمي من وزارة الخارجية اللبنانية، التي وصفتها بأنها “تدخل سافر وغير مقبول في الشؤون الداخلية اللبنانية”. وأضافت الوزارة أن هذا ليس الموقف الأول من نوعه، مشيرة إلى أن “بعض كبار المسؤولين الإيرانيين تجاوزوا مرارًا وتكرارًا حدود اللياقة الدبلوماسية بتصريحات غير مبررة”.

تحديات أمام الحكومة
القرار الحكومي يواجه سلسلة من العقبات، أبرزها الموقف الرافض من حزب الله وداعميه، إضافة إلى تعقيدات المشهد الإقليمي الذي يجعل من الصعب فصل الأمن الداخلي اللبناني عن التوترات بين طهران وواشنطن وتل أبيب. كما أن أي محاولة لتنفيذ النزع بالقوة قد تفتح الباب أمام جولة جديدة من العنف الداخلي، ما يهدد استقرار البلاد الهش.

زيارة لاريجاني… دعم سياسي أم ضغط؟
يرى محللون أن زيارة لاريجاني تحمل رسائل مزدوجة؛ فمن جهة، هي إظهار دعم سياسي لحزب الله في مواجهة القرار الحكومي، ومن جهة أخرى محاولة للتأثير على مسار المفاوضات الداخلية والدفع نحو حلول بديلة قد تُبقي للحزب قدرًا من القوة المسلحة.

ومع أن لاريجاني أكد على حرص إيران على استقرار لبنان، إلا أن توقيت الزيارة ومضمون التصريحات الإيرانية الأخيرة يوحيان برغبة طهران في لعب دور مباشر في صياغة مستقبل الترتيبات الأمنية في البلاد، وهو ما يثير حساسية لدى أطراف لبنانية تعتبر أن هذه الملفات شأن سيادي بحت.

وتأتي زيارة رئيس الأمن القومي الإيراني إلى بيروت في لحظة فارقة، حيث يختبر لبنان قدرته على فرض سيادته على جميع أراضيه ونزع السلاح من المجموعات المسلحة. وبين تمسك الحكومة بقرارها ورفض حزب الله، تظل الأزمة مفتوحة على احتمالات متعددة، من الحوار والتسويات السياسية، إلى التصعيد الميداني الذي قد يعيد البلاد إلى أجواء التوتر والانقسام التي عاشتها في مراحل سابقة.

You may also like

Leave a Comment