اتفاقية الإنفاق الإسبانية في حلف الناتو تثير جدلاً واسعاً

by hayatnews
0 comment

تصاعدت الانتقادات والجدل حول الاتفاقية الجديدة لإنفاق الدفاع التي اتفق عليها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وذلك بعد إعلان إسبانيا عن حصولها على استثناء يسمح لها بإنفاق نسبة أقل من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالأهداف الجديدة التي حددها الحلف.

في حين اتفق قادة الناتو خلال اجتماعهم الأخير على ضرورة رفع نسبة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، مع تخصيص 3.5% للدفاع العسكري المباشر و1.5% للاستثمارات الدفاعية ذات الاستخدامات المتعددة، أكدت مدريد أنها ستكتفي بنسبة 2.1% فقط، ما أثار حفيظة حلفائها وأدى إلى انتقادات متزايدة.

موقف إسبانيا.. تبرير وتأكيد على الاستثناء

أصر رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، في تصريحات أدلى بها يوم الأحد، على أن الهدف الذي يجب على بلاده تحقيقه هو 2.1% فقط من الناتج المحلي الإجمالي. وقال إن هذه النسبة “كافية لتأمين وصيانة الأفراد والمعدات والبنية التحتية المطلوبة من قبل التحالف، بما يكفي لمواجهة التهديدات الجديدة بقدرات محدثة”.

وأعاد سانشيز التأكيد على أن الاتفاقية التي توصل إليها الحلف تعطي إسبانيا “مرونة” خاصة، مستندًا إلى موافقة وزراء دفاع الناتو في السادس من يونيو على أهداف قدرات جديدة لا تشترط الإنفاق المباشر بنسبة 5%.

قلق الناتو وتشكك في مرونة مدريد

غير أن هذه الرؤية لم تحظ بترحيب من قادة الناتو، حيث عبر الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، عن شكوكه في قدرة إسبانيا على تحقيق أهدافها الدفاعية بإنفاق 2.1% فقط.

في مؤتمر صحفي عقده يوم الاثنين في لاهاي، قبل بدء قمة قادة الناتو، قال ستولتنبرغ: “نحن مقتنعون بأن إسبانيا ستضطر في النهاية إلى رفع إنفاقها الدفاعي إلى 3.5%، حتى لو لم تكن راغبة بذلك”.

وأضاف: “حلف شمال الأطلسي لا يقبل صفقات جانبية أو استثناءات خاصة. كل الدول الأعضاء ملزمة بتحقيق أهداف واضحة، وستقدم تقارير دورية عن تقدمها، مع مراجعة شاملة ستُجرى في عام 2029”.

تأثير القرار على الدول الأخرى

رفض إسبانيا للهدف الجديد بزيادة الإنفاق الدفاعي لم يكن حادثًا منفردًا، إذ يبدو أنه ألهم دولًا أخرى ذات ميزانيات دفاعية منخفضة لطلب استثناءات مماثلة.

في هذا الإطار، أعلنت بلجيكا، التي تمتلك إنفاقًا دفاعيًا أقل من متوسط الناتو، يوم الاثنين أنها ستسعى للحصول على “أقصى قدر من المرونة” فيما يتعلق بالالتزام الجديد.

وقال وزير الخارجية البلجيكي، ماكسيم بريفو، في تصريحات إعلامية: “قد لا نعلن ذلك بصخب كما فعلت إسبانيا، لكننا نعمل جاهدين للحصول على آليات تسمح لنا بالمرونة المطلوبة”.

ويأتي ذلك على خلفية تصريح سابق لرئيس الوزراء البلجيكي، بارت دي ويفر، الذي قال الأسبوع الماضي إن بلاده ستدعم هدف الإنفاق الدفاعي الجديد رغم وصفه بأنه “حبة مرة يصعب بلعها”.

معضلة الميزانيات وأهمية الوحدة

يُظهر هذا الجدل التحديات التي تواجهها الدول الأوروبية في رفع إنفاقها العسكري بشكل يتماشى مع طموحات الناتو في ظل الضغوط الاقتصادية والسياسية المتزايدة.

فبينما تؤكد الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب على أهمية زيادة الإنفاق لتقوية الحلف في مواجهة التهديدات العالمية، تعاني بعض الدول الأوروبية، وعلى رأسها إسبانيا وبلجيكا، من ضغوط مالية داخلية تحول دون الالتزام الكامل بالمستهدفات.

يؤكد محللون أن استمرار طلب الإعفاءات والتنازلات قد يضعف من وحدة التحالف ويؤثر على مصداقيته في مواجهة التحديات الأمنية، خصوصًا مع تزايد التهديدات الإقليمية مثل النزاعات في الشرق الأوسط والتوترات مع روسيا.

مراقبة ومراجعة مستقبلية

يشدد الناتو على أن هناك آليات متابعة دقيقة لضمان التزام الدول الأعضاء، بما في ذلك التقارير الدورية والمراجعات المفصلة.

وسيتابع الحلف بحذر تنفيذ هذه الاتفاقيات مع استمرار القمة الحالية، التي من المتوقع أن تؤكد على ضرورة تعزيز القدرات الدفاعية وضمان التوزيع العادل للأعباء.

في الختام، يبقى ملف الإنفاق الإسباني محطّ جدل واسع داخل حلف الناتو، حيث تبرز الحاجة إلى التوازن بين مرونة الدول الأعضاء وقدرتها الاقتصادية، وبين الحفاظ على وحدة وتماسك الحلف في مواجهة التحديات العالمية المتزايدة.

You may also like

Leave a Comment