توسك يحذر ميليشيات اليمين المتطرف على الحدود الألمانية: «عودوا إلى دياركم»

by hayatnews
0 comment

في محاولة لاستعادة زمام المبادرة وسط أجواء سياسية متوترة، وجّه رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك تحذيراً شديد اللهجة، إلى مجموعات اليمين المتطرف التي تقوم بدوريات على الحدود البولندية-الألمانية، مطالباً إياهم بالعودة إلى ديارهم وترك مهمة حماية الحدود لأجهزة الدولة الرسمية.

وقال توسك في تصريح صحفي إن «حرس الحدود وحده يملك الحق في تأمين حدود بولندا»، محذراً من أن أي شخص ينتحل صفة ضابط أو يعرقل عمل السلطات سيواجه عواقب قانونية صارمة.

وجاء تحذير توسك عقب موجة جديدة من التوتر على الحدود الغربية للبلاد، حيث تجمعت في الأيام الأخيرة ما تُعرف بـ«دوريات المواطنين» — مجموعات أهلية مدفوعة بأيديولوجيات قومية متطرفة — بزعم منع إعادة المهاجرين الذين صدّتهم السلطات الألمانية. ووفق تقارير محلية، بلغ عدد هؤلاء مئات الأشخاص الذين ظهر بعضهم مقنّعين ويوقفون السيارات ويفتشون الهويات، فيما حاول بعضهم تنفيذ ما أطلقوا عليه «اعتقالات المواطنين» ضد أشخاص يُشتبه في دخولهم البلاد بشكل غير شرعي.

توتر داخلي يربك الائتلاف الحاكم

ورغم أن حكومة توسك أعلنت إعادة فرض عمليات تفتيش مؤقتة على الحدود مع ألمانيا وليتوانيا بدءاً من 7 يوليو، مبررة ذلك بارتفاع غير مبرر في أعداد المهاجرين المرحلين من ألمانيا، فإن قضية «الدوريات الأهلية» باتت أزمة سياسية داخلية تهدد بتفجير ائتلافه الحاكم.

ففي حين وصفت الحكومة هذه الميليشيات بأنها «غير قانونية وخطرة»، فإن الرئيس البولندي المنتخب حديثاً، كارول ناوروكي، المنتمي إلى اليمين المحافظ والمدعوم من حزب القانون والعدالة، امتدح هذه المجموعات قائلاً إنها «تدافع عن الحدود بقيادة المواطنين».

وكان ناوروكي قد شكر الناشط اليميني المتطرف روبرت باكيفيتش، أحد منظمي هذه الدوريات، في تصريحات أثارت انتقادات حادة، إذ رأى خصومه السياسيون أن مثل هذه التصريحات تشرعن أفعالاً قد تشكل انتحالاً لصفة سلطات الدولة وتهدد السلامة العامة.

ضغوط متزايدة على توسك

الخلاف حول قضية المهاجرين والحدود يعمّق التوتر داخل المشهد السياسي البولندي، خصوصاً بعد الهزيمة المدوية التي مني بها توسك الشهر الماضي حين خسر مرشحه رافال ترزاسكوفسكي الانتخابات الرئاسية أمام ناوروكي.

هذه الهزيمة زعزعت الثقة في تماسك الائتلاف الوسطي الذي أوصل توسك إلى الحكم في 2023، ودفعت شركاءه الأصغر حجماً إلى التفكير في خيارات بديلة. وظهرت مؤشرات على ذلك الخميس الماضي حين رصدت وسائل الإعلام لقاءات سرية جمعت شخصيات بارزة من أحزاب الائتلاف مع أعضاء من حزب القانون والعدالة، من بينهم الزعيم اليميني ياروسلاف كاتشينسكي.

وقال آدم سزالابكا، المتحدث باسم الحكومة، عقب اجتماع أمني طارئ عقد في وارسو: «نحن دولة قانون. لا مكان لمليشيات أو مجموعات أهلية تأخذ الأمن بأيديها. مثل هذه الأفعال تعرض الناس للخطر وتخلق حالة من الفوضى».

التعديل الوزاري على الطاولة

يحاول توسك الآن استعادة السيطرة السياسية عبر تعديل وزاري متوقع في وقت لاحق من هذا الشهر، في خطوة يُنظر إليها كاختبار لقدرته على إعادة توحيد صفوف الائتلاف المنقسم وفرض الانضباط السياسي.

ويقول مراقبون إن توسك يواجه معضلة شائكة؛ فهو من جهة يريد إظهار الحزم تجاه مسألة الهجرة وضبط الحدود لاستعادة ثقة الناخبين، ومن جهة أخرى لا يريد الظهور بمظهر المتشدد الذي يتجاهل حقوق الإنسان أو يرضخ للغة اليمين المتطرف.

وقال بارتوش كوفالسكي، المحلل السياسي في جامعة وارسو: «يحاول توسك أن يمسك العصا من المنتصف. لكنه يواجه ضغوطاً هائلة من داخل تحالفه ومن الشارع البولندي الذي يشهد تصاعداً في الخطاب القومي المعادي للهجرة».

مستقبل غامض

وبينما تتصاعد الضغوط السياسية، حذرت جهات حقوقية من أن انتشار دوريات أهلية قد يؤدي إلى تفشي العنف والعنصرية على حدود بولندا.

ويبقى السؤال الأهم: هل يستطيع توسك كبح جماح اليمين المتطرف وإعادة توجيه الدفة السياسية، أم أن الأزمة على الحدود ستشكل شرارة جديدة تهدد استقرار حكومته؟

الأيام المقبلة، خصوصاً مع بدء عمليات التفتيش الحدودية الجديدة، ستكون حاسمة في تحديد مستقبل الصراع السياسي في بولندا.

You may also like

Leave a Comment