تمدّد الدعم السريع يجرّ السودان إلى الهاوية… واتهامات للإمارات بتغذية الحرب عبر السلاح

by hayatnews
0 comment

يشهد السودان واحدة من أكثر لحظات تاريخه قتامة، إذ تتسع رقعة الحرب الأهلية المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف، وتتقدم ميليشيات الدعم السريع بسرعة نحو ولايات جديدة، مما يفاقم ما تصفه الأمم المتحدة بأسوأ كارثة إنسانية حالية في العالم.

وقالت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إنه مع كل خطوة تتقدمها الميليشيا، تتزايد المخاوف الإقليمية والدولية، وتتعمق الانقسامات حول مستقبل بلد يتداعى تحت ضربات السلاح والمجازر.

وبالنسبة لكثير من السودانيين، لم تعد الحرب مجرد أخبار، بل سلسلة لا تنتهي من المآسي الشخصية. ضابط سابق في الجيش — تحدث من منفاه في أوروبا — روى أنه فقد شقيقَيه في المعارك، وفقد أبناء شقيقته الثلاثة بين قتيل ومشلول ومسجون. وفي اليوم السابق على حديثه، فقد عمه في قصف بطائرة مسيّرة على سوق شعبي في قرية غرب البلاد.

يقول بحسرة: “لو أحصيتُ ما فقدتُه… فهو كثير للغاية.” ويتردد هذا الواقع المأساوي صداه في آلاف الأسر السودانية التي أصبحت ضحية التمدد الوحشي للنزاع.

وبعد سيطرتها على مدينة الفاشر في غرب السودان، حققت قوات الدعم السريع أكبر انتصار لها منذ بدء الحرب، مما غيّر مسار الصراع بصورة خطيرة.

فبعد ترسيخ سيطرتها على دارفور، وارتكاب مجازر وصفها شهود عيان بالوحشية — من ذبح الرجال واغتصاب النساء إلى احتجاز المدنيين مقابل فدية — أصبحت الميليشيا تتجه شرقًا وجنوبًا نحو ولايات كردفان، مما يهدد بانهيار كامل لجبهة الجيش.

وتشير تقديرات صادمة نشرتها جامعة ييل إلى أن نحو عشرة آلاف شخص ربما قُتلوا خلال ثلاثة أيام فقط من سقوط الفاشر، وهو رقم يعكس حجم الفظائع المرتكبة.

وتتحول مدينة الأبيض، العاصمة التجارية لولاية شمال كردفان، إلى خط المواجهة التالي. فالمعارك في بلدة بابنوسة القريبة تشير إلى أن الدعم السريع يختبر دفاعات الجيش على الطريق المؤدي إلى المدينة.

وتؤكد الباحثة السياسية خلود خير أن أهمية الأبيض لا تكمن في موقعها فقط، بل في ثرواتها التجارية والزراعية، إذ يعتمد مقاتلو الدعم السريع على النهب كمصدر تمويل أساسي.

ومع توسع نفوذ الدعم السريع، تتزايد الأصابع الموجهة نحو الإمارات، التي تتهمها تقارير استخبارية ومصادر إقليمية بأنها قدمت أسلحة متطورة ساعدت الميليشيا على إعادة بناء قوتها بعد هزيمة كبيرة مطلع العام. أبوظبي نفت هذه الاتهامات بشدة، مؤكدة عدم دعمها لأي ميليشيا مسلحة في السودان.

ورغم النفي، فإن الضغوط الدولية تزداد، خاصة بعد تصريحات وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الذي انتقد “الدول التي تسلّح الميليشيات”، في رسالة فسّرها مراقبون بأنها موجهة إلى الإمارات.

ويبدو أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان استفاد إلى حد ما من توثيق الفظائع، ما أكسبه دعمًا سياسيًا متزايدًا من دول كانت متحفظة سابقًا. مصر، على وجه الخصوص، باتت أكثر قلقًا من تمدد الدعم السريع، بينما تشير تقارير إلى أن قطر والسعودية تقدمان دعمًا لوجستيًا وسياسيًا للجيش، فيما يواصل الإيرانيون دعم الكتائب الموالية له.

ومع ذلك، يبقى الجيش متراجعًا ميدانيًا، وسط عجز واضح عن وقف تقدم الدعم السريع رغم الدعم الخارجي.

وتكثف “الرباعية” — التي تضم الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات — جهودها لوقف الحرب. وكان مقترحها الأخير يقضي بهدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر تليها مباحثات انتقال نحو الحكم المدني. ورغم إعلان حميدتي قبوله الهدنة بشكل أحادي، فإن البرهان رفض المقترح، معتبرًا أنه يهمّش الجيش ويبقي الدعم السريع في موقع القوة.

كما بدا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدعم جهود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لاحتواء الصراع، إلا أن تأثير تلك الجهود على الأرض لا يزال محدودًا.

وتمدّد الدعم السريع، والانقسامات الإقليمية بشأن دعم الأطراف، والتدخلات الخاصة من دول كالإمارات وتركيا وإيران، كلها عوامل تدفع السودان نحو سيناريو مفتوح على الفوضى. ومع كل مدينة تسقط، وكل مجزرة تُوثّق، يتعمق الانهيار الإنساني ويبتعد الأمل بحل سياسي.

وختمت الصحيفة بأن السودان اليوم يتقدم بسرعة نحو الهاوية، بينما يقف المجتمع الدولي عاجزًا عن كبح واحدة من أكثر الحروب دموية وتعقيدًا في القرن الحالي.

You may also like

Leave a Comment