أحدث تعديل قانوني غير مسبوق في دولة الإمارات العربية المتحدة موجة واسعة من الترحيب في أوساط المقيمين، بعد أن سمح للمرة الأولى للأزواج غير الإماراتيين والنساء العازبات بتقديم طلبات لرعاية الأطفال داخل الدولة، في خطوة تُعد تحولًا جذريًا في سياسة الرعاية البديلة.
فبعد أن كان القانون محصورًا لعقود بالأزواج المسلمين الإماراتيين والنساء الإماراتيات فقط، أتاح التغيير الجديد لأي زوجين تجاوزا سن الخامسة والعشرين — بغض النظر عن جنسيتهما أو دينهما — التقدم بطلب لرعاية طفل.
كما أصبح بإمكان النساء فوق الثلاثين التقدم منفردات دون حد أقصى للسن. هذه الاستثناءات أحدثت نقلة نوعية في مفهوم الرعاية البديلة في الإمارات، الأمر الذي اعتبره الكثير من المقيمين توسعًا ضروريًا يضع مصلحة الطفل في صدارة الأولويات.
وعبر مارك أوستاري، المقيم في أبوظبي منذ أكثر من عشر سنوات، عن سعادته بهذا التغيير.
وقال أوستاري، الذي يعيش مع زوجته سالي وطفليه إن القانون يمثل بارقة أمل للأسر التي تواجه تحديات طبية تمنعها من الإنجاب.
وأوضح: “الآن بات بإمكاننا بطريقة آمنة وشرعية أن نمنح طفلًا آخر الحب والرعاية والاستقرار. هذا القانون لا يساعد الأسر فقط، بل يعطي الأطفال أيضًا فرصة لحياة أفضل.”
وأضاف أن التعديلات الجديدة تزيل حالة الضبابية التي كانت تكتنف ملف الرعاية بالنسبة للوافدين، إذ لم تكن هناك إجراءات واضحة تضمن لهم خوض تجربة الرعاية بصورة قانونية.
وفي دبي، قالت إحدى الأمهات اللواتي تبنين طفلًا سابقًا — وفضلت عدم كشف هويتها — إن السماح للمغتربين بالرعاية خطوة إيجابية تعكس رؤية اجتماعية جديدة.
وأكدت أن الإعلان يأتي في وقت تستعد فيه الإمارات لتخصيص العام المقبل لـ”عام العائلة”.
وقالت: “لطالما تمنى أصدقائي وأفراد عائلتي أن يتمكنوا من التبني أو الرعاية، لكن القوانين لم تكن تسمح لهم بذلك. اليوم، الحكومة تمنح هؤلاء الأطفال فرصة الانضمام إلى منازل محبة لم تكن متاحة لهم في السابق.”
خبراء: القرار مهم… لكنه يتطلب دعمًا طويل الأمد
وصفت الدكتورة آشلي جيبسون، أخصائية علم النفس السريري في دبي، التعديل بأنه “تحول إيجابي” قد يحسن بشكل كبير نتائج الأطفال المعرضين للخطر في الإمارات.
لكنها شددت على أن نجاح القانون يعتمد على تنفيذ دقيق يشمل تقييمات نفسية واجتماعية مكثفة للأسر وتدريب متخصص لمقدمي الرعاية وتقديم دعم مستمر بعد وصول الطفل إلى الأسرة.
وقالت: “الرعاية البديلة ليست مجرد توفير منزل، بل هي ضمان بيئة آمنة تراعي الصدمات النفسية وتلبي الاحتياجات العاطفية للطفل. بدون دعم منهجي ومستمر، قد تتحول النوايا الجيدة إلى تجربة غير مستقرة.”
هل يمنح الوافدون بيئة مستقرة؟
أحد الانتقادات التي واجهت القانون الجديد هو التشكيك في قدرة المقيمين — الذين قد تتغير ظروف عملهم أو إقامتهم — على توفير استقرار طويل الأمد للطفل.
لكن للرأي الآخر صوتٌ قوي أيضًا. مي السيد، مقيمة في دبي، ردت على هذا الطرح قائلة: “الاستقرار لا يقاس بجواز السفر. يعيش الآلاف من المغتربين هنا منذ سنوات طويلة، يبنون أعمالهم ويؤسسون أسرهم ويساهمون في المجتمع. الاستقرار الحقيقي يأتي من الالتزام والرغبة في توفير بيئة آمنة للطفل.”
ويؤكد اختصاصيو علم النفس أن الأطفال الذين يوضعون في رعاية أسر من ثقافات مختلفة يمكنهم النجاح والاندماج شرط أن يتم الحفاظ على هويتهم الأصلية وتعزيزها.
وحذرت الدكتورة جيبسون من أن تجاهل هذه المسألة قد يخلق مشكلات لاحقة متعلقة بالانتماء والهوية، لكنها شددت على أن “الدمج الثقافي المدروس” قادر على خلق بيئة صحية تتيح للطفل الازدهار.