أبرزت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية عن تزايد الدعوات الأوروبية لتوجيه الإنفاق الدفاعي المستقبلي بعيدًا عن المعدات الأمريكية.
وكشفت الصحيفة عن مراجعة العواصم الأوروبية نقاط ضعفها والسعى لفطام نفسها عن الاعتماد على الأسلحة الأميركية، لكن توسيع الخيارات المحلية سيستغرق وقتًا.
ورأت الصحيفة أن الرئيس دونالد ترامب بينما يعيد تشكيل سياسة الولايات المتحدة الخارجية، عبر التفاوض على علاقات أوثق مع روسيا، وتهديد حلفاء الناتو، ووقف التعاون مع أوكرانيا، فإن شركاء واشنطن التقليديين – وأفضل زبائنها – يعيدون النظر في اعتمادهم على أنظمة الأسلحة الأميركية.
وتتزايد الدعوات من كندا إلى أوروبا، لتوجيه الإنفاق الدفاعي المستقبلي بعيدًا عن المعدات الأميركية والاتجاه نحو صناعاتهم المحلية، رغم اعتراف الكثيرين بعدم وجود حل سريع بعد عقود من الاعتماد.
ووقف الولايات المتحدة لمشاركة المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا هذا الشهر، وتهديدات ترامب بضم كندا وجرينلاند، كشفت عن مخاطر الاعتماد على واشنطن، وأثارت مخاوف من إمكانية قيام الولايات المتحدة بتعطيل المقاتلات أو أنظمة الإطلاق عن بعد كوسيلة ضغط.
حتى وإن كانت فكرة “مفتاح القتل” مجرد خرافة، فإن المسؤولين والمحللين يرون أن الأنظمة الأميركية المتقدمة، مثل المقاتلات، تعتمد بشدة على قطع الغيار والتحديثات البرمجية أو تبادل البيانات مع الولايات المتحدة، مما يجعل فقدان الوصول إليها كفيلًا بجعلها غير صالحة للاستخدام.
وفي السنوات الأخيرة، جاء ما يقرب من ثلثي واردات الأسلحة الأوروبية من الولايات المتحدة.
وأطلقت عدة دول أوروبية مراجعات لمعداتها الأميركية الصنع لتقييم مدى هشاشتها في حال اندلاع صراع مع روسيا إذا قرر ترامب قطع الدعم، وذلك وفقًا لأربعة مسؤولين أوروبيين كبار تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هوياتهم لمناقشة مسألة حساسة.
وأعلنت كندا والبرتغال أنهما تعيدان النظر في خطط شراء مقاتلات إف-35 من شركة لوكهيد مارتن.
كما أن الاتحاد الأوروبي يستبعد الولايات المتحدة بشكل كبير من التمويلات الجديدة، في وقت يسابق فيه الزمن لتوفير مئات المليارات من اليوروهات لتعزيز القوة العسكرية في السنوات الخمس المقبلة.
وكندا تجري محادثات مع الاتحاد الأوروبي بشأن خطط لتوسيع الإنتاج العسكري، مع سعي أقدم وأقرب حلفاء واشنطن لحماية أنفسهم من نزوات ترامب.
وبالنظر إلى حجم الصناعة الدفاعية الأميركية، التي تُعد أكبر مصدر للأسلحة في العالم، يعترف المسؤولون الأوروبيون بأنهم سيستمرون في شراء الأسلحة الأميركية الجاهزة بينما يعملون على بناء قدراتهم الذاتية. لكن عدم القدرة على التنبؤ بمواقف إدارة ترامب عزز تركيزهم على تطوير ترساناتهم وبناء صناعات محلية.
وفي إعلانه عن أن شركة بوينغ ستنتج مقاتلة إف-47، الجيل التالي من الطائرات الحربية، قال ترامب يوم الجمعة إن النسخة التي ستُباع للحلفاء ستكون بقدرات منخفضة، مضيفًا: “لأنهم قد لا يكونون حلفاء لنا يومًا ما”.
وسبق للإدارات الأميركية السابقة أن حجبت معدات عسكرية عن زبائن سابقين. فعندما أطاحت الثورة الإسلامية بقيادة آية الله الخميني بالشاه رضا بهلوي عام 1979، أوقفت إدارة كارتر أعمال الصيانة وقطع الغيار للطائرات الأميركية التي كان يستخدمها سلاح الجو الإيراني.
وبعد أن أطاح الجيش المصري بالرئيس محمد مرسي عام 2013، جمدت إدارة أوباما شحنات الطائرات والمروحيات الهجومية والمعدات العسكرية الأخرى، قبل أن ترفع هذا الحظر لاحقًا. لكن هذه التجربة دفعت القاهرة إلى تنويع مصادرها، حيث انخفض اعتمادها على المعدات الأميركية من 80% إلى 30% اليوم.
ومع ذلك، نادرًا ما تتخذ واشنطن مثل هذه الإجراءات ضد شركاء تحالفاتها. فقد أوقفت إدارة ترامب الأولى مشاركة تركيا في برنامج مقاتلات إف-35 بسبب شراء أنقرة نظام دفاع جوي روسي.