بورصة السعودية تتراجع 9% منذ بداية العام.. والمستثمرون الأجانب وحدهم لن يعكسوا المسار

by hayatnews
0 comment

سجلت سوق الأسهم السعودية تراجعًا بأكثر من 9% منذ بداية عام 2025، لتكون ضمن أسوأ الأسواق أداءً على مستوى العالم، رغم مؤشرات إيجابية في الاقتصاد الكلي.
فقد نما الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 4.9% في الربع الأول، وأظهر مؤشر صناعي رئيسي توسعًا في الأنشطة الصناعية، إلا أن هذه القوة الاقتصادية لم تنعكس على أداء السوق المالية، ما يثير تساؤلات حول الفجوة بين الاقتصاد الحقيقي والأسواق المالية في المملكة.

طموحات عالمية بعيدة المنال
تسعى السعودية لجعل بورصة الرياض “تداول” ضمن أكبر 10 بورصات في العالم، في إطار جهودها لتعميق أسواق رأس المال، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز تنويع الاقتصاد وفق رؤية 2030.
لكن الأداء الحالي للسوق يوحي بأن هذا الطموح ما زال بعيد المنال، ما لم تُجرى إصلاحات هيكلية تعالج جذور المشكلة وتزيد من السيولة والموثوقية في السوق.

ضعف الثقة وتحديات الحوكمة
حتى الآن، ركز المنظمون على تسهيل دخول المستثمرين الخليجيين والدوليين إلى السوق، لكن خبراء يرون أن الأموال الأجنبية وحدها لا تكفي ما لم تُعالج نقاط الضعف الهيكلية التي تدفع المستثمرين إلى التردد.
من أبرز هذه النقاط، ضعف الحوكمة ومعايير الإفصاح؛ إذ يُسمح للشركات بنشر الحد الأدنى من المعلومات في تقاريرها العامة، رغم أن الهيئة المنظمة تراقب التداولات بناءً على المعلومات الداخلية وتمنع التلاعب. هذا النقص في الشفافية يثير شكوك المستثمرين ويؤثر سلبًا على قراراتهم.

نشاط الطروحات تحت الضغط
رغم بقاء خط أنابيب الطروحات الأولية نشطًا، حيث جمعت الشركات السعودية 2.8 مليار دولار في النصف الأول من 2025 لتكون السوق الأكثر نشاطًا في المنطقة، إلا أن مؤشرات الثقة بدأت تتراجع.

إيرادات مجموعة تداول في الربع الأول انخفضت بنسبة 13% على أساس سنوي.

متوسط أحجام التداول اليومية تراجع بمقدار الثلث.

متوسط العائد في الشهر الأول بعد الطرح هبط من 27% في 2024 إلى 4% فقط.

العديد من الأسهم الجديدة تتداول حاليًا دون سعر الطرح، ما يعكس فتور حماس المستثمرين.

قيود التذبذب السعري تحد من جاذبية السوق
أحد العوائق أمام جذب رؤوس الأموال الأجنبية هو الحد الأقصى للتذبذب السعري البالغ 10% يوميًا، وهو مستوى منخفض مقارنة بما اعتاده المستثمرون العالميون في أسواق أكثر انفتاحًا.
هذه القيود، مع تركّز المؤشر العام في قطاعات البنوك والمواد والطاقة التي تشكل ثلثي وزنه، تقلل من ديناميكية السوق وتجعلها أقل تنوعًا. كما أن غياب قصص نمو قوية في قطاعات مثل الصحة والسياحة واللوجستيات والتكنولوجيا يضعف العمق اللازم لجذب اهتمام عالمي مستدام.

الحاجة إلى إصلاحات أعمق
يرى محللون أن السعودية لا تحتاج فقط إلى ضخ أموال أجنبية، بل إلى استعادة ثقة المستثمرين عبر حزمة إصلاحات شاملة تشمل:

تعزيز الحوكمة ومعايير الإفصاح لرفع مستوى الشفافية والمساءلة.

إصلاح عملية الطروحات الأولية لتكون أكثر شفافية وجاذبية للمستثمرين.

تخفيف تدريجي لقيود التذبذب السعري لمنح السوق مرونة أكبر.

تنويع القطاعات المدرجة وتشجيع شركات رائدة خارج مجالات النفط والبتروكيماويات والمصارف.

مخاطر التحول إلى مرآة للمشكلات
من دون هذه التغييرات الجوهرية، يحذر خبراء من أن سوق “تداول” قد تتحول إلى نافذة تكشف مشكلات الاقتصاد السعودي بدلًا من أن تكون أداة لعرض نجاحاته، وهو ما قد يعيق مساعي المملكة لجذب استثمارات طويلة الأمد وتثبيت موقعها كمركز مالي إقليمي وعالمي.

ورغم قوة المؤشرات الاقتصادية الكلية، تواجه بورصة السعودية أزمة ثقة تتطلب إصلاحات مؤسسية وهيكلية عاجلة. الأموال الأجنبية يمكن أن تساعد، لكنها لن تكون الحل السحري ما لم تُعالج القضايا الجوهرية التي تعيق السوق.
وبينما تطمح الرياض لاحتلال مكانة بين أكبر البورصات عالميًا، فإن الطريق إلى هناك يمر عبر إصلاحات جريئة توازن بين الانفتاح على رأس المال العالمي وبناء بيئة استثمارية شفافة وجذابة للمستثمر المحلي والدولي على حد سواء.

You may also like

Leave a Comment