أفرجت جماعة الحوثي في اليمن عن عارضة الأزياء والممثلة انتصار الحمادي، بعد نحو خمس سنوات من الاعتقال بتهم وصفها محاميها ومنظمات حقوق الإنسان بأنها ملفقة وتهدف إلى قمع حريات المرأة.
وقد اعتقلت الحمادي في فبراير 2021 أثناء توجهها لجلسة تصوير في العاصمة صنعاء، وأصدرت المحكمة حكمًا بسجنها خمس سنوات بتهم تشمل الدعارة وتعاطي المخدرات والسلوك الفاضح.
وأوضح محاميها، خالد الكمال، أن الحمادي أفرج عنها يوم السبت من السجن المركزي في صنعاء، بعد أن عانت خلال فترة احتجازها من تدهور صحتها وظهور أمراض متعددة، فيما كانت هناك تقارير عن محاولتها الانتحار في بداية اعتقالها، وهو ما رفضته جماعات حقوق الإنسان مؤكدة أنه جزء من الانتهاكات المتكررة ضدها.
وولدت الحمادي لأم إثيوبية وأب يمني، وبرزت في عالم الموضة اليمنية من خلال مشاركاتها في مسلسلين تلفزيونيين عام 2020 ونشرها صورها بالزي التقليدي والأزياء الحديثة على منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك إنستغرام وفيسبوك، حيث كان لديها آلاف المتابعين.
وقد أشار محاموها ومنظمات مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية إلى أن المحكمة التي حكمت عليها كانت تعسفية وخالية من الإجراءات القانونية الواجبة، وأنها تعرضت أثناء التحقيق للاستجواب وهي معصوبة العينين، والإيذاء الجسدي واللفظي، وإهانات عنصرية، إضافة إلى إرغامها على الاعتراف بارتكاب جرائم ملفقة.
وتعتبر قضية الحمادي نموذجًا صارخًا للتحديات التي تواجهها النساء في مناطق سيطرة الأطراف المتحاربة في اليمن، بما في ذلك الحوثيون والحكومة المعترف بها دوليًا والمجلس الانتقالي الجنوبي.
فقد كشفت تقارير حقوقية أن النساء مقيّدات في التنقل بين المحافظات، وفي بعض الحالات يُمنعن من مغادرة البلاد دون إذن من ولي أمر ذكر أو مرافق ذكر، ما يقيد وصولهن إلى التعليم والعمل والرعاية الصحية، ويحد من قدرتهن على زيارة الأسرة.
ويأتي الإفراج عن الحمادي في وقت يشهد فيه اليمن أزمة حقوقية واسعة، إذ أن القيود على المرأة تتزامن مع تدهور الخدمات الأساسية في البلاد نتيجة الصراع المستمر، مما يجعل النساء أكثر عرضة للخطر ويحد من فرصهن في ممارسة حياتهن الطبيعية.
وأكدت منظمات حقوقية أن هذه السياسات تتعارض مع الحقوق الأساسية للمرأة وحرية التعبير، وتعد جزءًا من نمط أوسع للقمع الاجتماعي والسياسي في مناطق النزاع.
كما سلطت قضية الحمادي الضوء على التمييز ضد النساء ذوات الأصول المختلطة، حيث تعرضت لأشكال من الإهانات العنصرية نتيجة نسبها الإثيوبي اليمني، ما يعكس حجم التحديات التي تواجهها الفئات الضعيفة في بيئات النزاع.
والإفراج عنها بعد خمس سنوات من السجن يمثل انتصارًا جزئيًا للحقوق الإنسانية، لكنه يثير الأسئلة حول مدى التزام الحوثيين والمعسكرات المتحاربة الأخرى في اليمن بالقوانين الدولية ومعايير حقوق الإنسان، خاصة فيما يتعلق بحماية النساء والفتيات، وضمان محاكمات عادلة، وحماية الأفراد من التعذيب والمعاملة القاسية.
ويبقى مستقبل الحمادي وما سيجري مع النساء اليمنيات اللواتي تعرضن لملاحقات مماثلة غير واضح، إذ أن القيود الاجتماعية والسياسية ما زالت قائمة، وتتطلب تدخلًا دوليًا فاعلًا لمراقبة الإفراجات، وتقديم الدعم النفسي والطبي للضحايا، وضمان منع تكرار هذه الانتهاكات.
وفي المجمل، تشكل قضية انتصار الحمادي رمزًا لمعاناة المرأة اليمنية تحت النزاع المسلح والقوانين التعسفية، وتؤكد الحاجة الملحة لإصلاحات حقيقية تحمي حقوق النساء، وتضمن تمتعهن بالحرية الشخصية والمهنية، بعيدًا عن التمييز والعقوبات التعسفية.