برلين تدعو المتشددين الأوروبيين في مجال الهجرة إلى قمة لمناقشة قواعد اللجوء

by hayatnews
0 comment

في خطوة تعكس التحول الصارم للحكومة الألمانية الجديدة بقيادة المحافظين تجاه ملف الهجرة، دعا وزير الداخلية الألماني ألكسندر دوبريندت وزراء داخلية عدد من دول الاتحاد الأوروبي إلى قمة خاصة تُعقد في قمة تسوغشبيتسه، أعلى جبل في ألمانيا بجبال الألب البافارية، بهدف مناقشة مقترحات جديدة لوضع قواعد أكثر تشدداً للهجرة واللجوء على المستوى الأوروبي.

من المقرر أن تُعقد القمة في 18 يوليو الجاري، بمشاركة وزراء داخلية فرنسا، بولندا، النمسا، الدنمارك، وجمهورية التشيك، إضافة إلى القيصر الجديد للهجرة في الاتحاد الأوروبي، المحافظ النمساوي ماجنوس برونر. وأوضح المتحدث باسم وزارة الداخلية في برلين لموقع «بوليتيكو» أن الاجتماع يهدف إلى صياغة إعلان مشترك يتضمن أفكاراً ملموسة بشأن تعزيز حماية الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، وتسريع عمليات ترحيل طالبي اللجوء المرفوضين إلى ما يُعرف بـ«الدول الثالثة» خارج التكتل الأوروبي.

وقال دوبريندت في تصريح لـ«بوليتيكو»: «يتوقع المواطنون، بحق، النظام، والمزيد من السيطرة والتعاون من السياسيين بدلاً من العجز. نريد أن نرسل هذه الإشارة».

تحوّل حاد في السياسة الألمانية

لطالما عُرفت ألمانيا بانتهاجها سياسة أكثر انفتاحاً تجاه الهجرة واللجوء مقارنةً بعدد من شركائها الأوروبيين، خاصة منذ أزمة اللاجئين في 2015. لكن الحكومة الحالية، برئاسة المستشار المحافظ فريدريش ميرز، تتبنى سياسة أكثر تشدداً بهدف تقليص أعداد طالبي اللجوء، تحت ضغط سياسي متزايد من حزب «البديل من أجل ألمانيا» (AfD) اليميني المتطرف المناهض للهجرة، الذي بات أكبر أحزاب المعارضة في البرلمان الألماني.

ومنذ تولي ميرز منصبه في الربيع الماضي، أصدر تعليمات بتكثيف عمليات التفتيش على حدود ألمانيا، متعهداً بإبعاد المهاجرين غير المسجلين، بمن فيهم طالبي اللجوء، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً واعتبرها خبراء قانونيون مخالفة لقانون الاتحاد الأوروبي الذي يضمن حرية الحركة داخل منطقة شنغن.

تصاعد التوترات مع دول الجوار

الإجراءات الألمانية الأخيرة أثارت استياء بعض الدول الأوروبية المجاورة. فقد حذّر رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك هذا الأسبوع من نفاد صبر بلاده إزاء سياسة برلين، معلناً عن فرض إجراءات تفتيش جديدة على الحدود البولندية مع ألمانيا وليتوانيا.

وفي المقابل، دافع كل من ميرز ودوبريندت عن الإجراءات الألمانية، مؤكدين أنها «تدابير مؤقتة» إلى حين التوصل إلى إصلاحات شاملة لسياسة الهجرة على مستوى الاتحاد الأوروبي.

قال دوبريندت في مقابلة مع مجلة «فوكوس» الألمانية هذا الأسبوع: «يجب تعزيز إمكانية الإعادة إلى الوطن». وأضاف: «يتطلب ذلك إلغاء شرط الارتباط المنصوص عليه في نظام اللجوء الأوروبي المشترك، والذي ينص على وجوب أن تكون للاجئين صلة محددة بالبلد الذي يُعادون إليه». وتابع: «نريد إلغاء هذا الشرط، وفي الوقت نفسه توسيع شراكاتنا الاستراتيجية مع دول ثالثة»، من دون أن يذكر دولاً محددة.

مقترحات مثيرة للجدل

يأتي التحرك الألماني متزامناً مع مقترحات من المفوضية الأوروبية، قُدمت في مايو الماضي، لتعديل القوانين الأوروبية بما يسمح بترحيل المهاجرين إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي، وهي خطوة قوبلت بانتقادات شديدة من منظمات حقوق الإنسان التي حذرت من تعرض المهاجرين لخطر الانتهاكات في تلك الدول.

وفي سياق متصل، كشف دوبريندت عن رغبته في إبرام اتفاق مع حكومة طالبان في أفغانستان لترحيل الأفغان الذين ثبت ارتكابهم جرائم في ألمانيا، قائلاً في مقابلة مع مجلة «فوكس» إنه يدرس إبرام «اتفاقيات مباشرة مع أفغانستان لتسهيل عمليات الإعادة».

وتأتي هذه التصريحات رغم انقطاع العلاقات السياسية والدبلوماسية بين ألمانيا وأفغانستان منذ عودة طالبان إلى السلطة عام 2021، ما يثير تساؤلات قانونية وأخلاقية حول إمكانية تنفيذ مثل هذه الاتفاقات.

اختبار صعب لوحدة الاتحاد الأوروبي

ويُنظر إلى قمة تسوغشبيتسه المقبلة باعتبارها اختباراً صعباً لوحدة الموقف الأوروبي تجاه قضية الهجرة، في ظل انقسام واضح بين دول تدعو لتشديد الإجراءات الحدودية وترحيل المهاجرين، وأخرى تطالب باحترام القوانين الإنسانية والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق اللاجئين.

وبينما تسعى برلين إلى لعب دور قيادي في هذا التحول نحو تشديد قواعد اللجوء، يرى مراقبون أن أي سياسات أوروبية جديدة يجب أن تراعي التوازن بين متطلبات الأمن والسيطرة على الحدود، وبين حماية حقوق الإنسان والالتزامات الدولية.

You may also like

Leave a Comment