شهدت أسعار النفط ارتفاعًا ملحوظًا لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه، وذلك في أعقاب الضربات العسكرية الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية. الأسواق تتأهب الآن لما قد تفعله طهران، خاصة إذا قررت تعطيل تدفق النفط من منطقة الخليج العربي، مما يهدد بإحداث صدمة في إمدادات النفط العالمية.
ارتفعت العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي بنسبة تجاوزت 6%، مسجلةً ذروة عند 78 دولارًا للبرميل، وهو سعر يزيد بأكثر من دولار واحد عن مستواه في 20 يناير، عندما بدأ ترامب فترة رئاسته. من المتوقع أن تنعكس هذه القفزة على أسعار البنزين التي يستخدمها المستهلكون في الولايات المتحدة، خاصة مع اقتراب عطلة نهاية الأسبوع الطويلة المرتبطة بيوم الاستقلال في الرابع من يوليو.
ترامب الذي روج خلال حملته الانتخابية لمبادئ “الهيمنة على الطاقة” ووعد بخفض أسعار الوقود للمستهلكين، يرى اليوم ارتفاعًا في الأسعار، حيث يبلغ متوسط سعر البنزين حالياً حوالي 3.22 دولار للغالون، مرتفعًا نحو 10 سنتات عن سعر بداية ولايته، مع توقعات بزيادة إضافية خلال الأسبوع.
يركز السوق الآن على رد فعل إيران المحتمل تجاه الهجمات، خاصة بعد أن صوّت البرلمان الإيراني على قرار مبدئي لإغلاق مضيق هرمز الحيوي، الممر المائي الذي يمر عبره نحو ربع النفط المنقول بحريًا في العالم. لكن القرار الفعلي يعود للمرشد الأعلى علي خامنئي، وهو الوحيد القادر على إصدار الأمر النهائي. وتعتمد شدة تأثير ذلك على مدى رضى إيران وحلفائها عن مضايقة ناقلات النفط العابرة، مقارنة بإمكانية إغلاق كامل للممر.
تشير تقارير إلى أن البيت الأبيض قد أخطر إيران مسبقًا بالضربات التي نفذها، وهو ما يؤشر إلى رغبة في تجنب تصعيد عسكري شامل والحفاظ على استقرار أسعار النفط. ويتوقع خبراء الطاقة أن أي تعطيل كامل لحركة الملاحة في مضيق هرمز قد يدفع أسعار النفط إلى الارتفاع فوق 100 دولار للبرميل.
وقال سكوت موديل، الرئيس التنفيذي لشركة “رابيدان إنرجي جروب” لتحليل الطاقة والجيوسياسات: “التحضيرات تدل على أن الطرفين يرغبان في السيطرة على الأزمة وعدم فقدانها. نعتقد أن رد إيران سيكون محسوبًا، مثل مضايقة السفن التجارية والاستيلاء الرمزي على ناقلات النفط، وإطلاق صواريخ محدودة على مواقع عسكرية أمريكية، دون شن حملة شاملة لقطع إمدادات الطاقة”.
بالرغم من هذه المخاوف، يثق بعض المحللين في قدرة الولايات المتحدة ودول منظمة أوبك، مثل السعودية، على توفير كميات كافية من النفط لسد الطلب العالمي، حتى في حال تصاعد التوترات. ومع ذلك، يحذر آخرون من أن موجة ارتفاع الأسعار ربما تكون في بدايتها.
قالت رقية إبراهيم، المحللة في شركة “BCA” للأبحاث: “المستثمرون بدأوا يضعون علاوة مخاطرة أكبر تحسبًا لاحتمال تعطل الإمدادات. لكن السؤال الأهم هو هل يعكس هذا التسعير المخاطر الحقيقية بشكل كافٍ؟ نعتقد أن ضغوط الأسعار ستستمر في التصاعد على المدى القريب”.
في ظل هذه الأجواء، تظل أسعار النفط حيوية وحساسة لأي تطورات على الساحة السياسية في الشرق الأوسط، حيث تراقب الأسواق عن كثب أي تحركات إيرانية قد تغير قواعد اللعبة، مما يجعل من منطقة الخليج نقطة توتر رئيسية تؤثر على الاقتصاد العالمي.