منحت المحكمة العليا للولايات المتحدة إدارة الرئيس دونالد ترامب إذنًا مؤقتًا بحجب ما يقرب من 4 مليارات دولار من المساعدات الخارجية التي أقرها الكونغرس.
وصدر القرار ضمن جدول الطوارئ للمحكمة، ما أوقف تنفيذ أمر محكمة أدنى كان يلزم الإدارة بإنفاق هذه الأموال قبل نهاية السنة المالية في 30 سبتمبر.
وتصاعدت القضية بعد أن أصدر قاضٍ اتحادي في واشنطن، القاضي أمير علي، أوامر لصالح منظمات إغاثية ومقاولين يقاضون الإدارة، حيث رأى أن الحكومة ليس لها سلطة أحادية لتعطيل إنفاق الاعتمادات التي صادق عليها الكونغرس.
وقد ردّت الإدارة بالاستئناف الطارئ أمام المحكمة العليا، قائلة إن منظمات الإغاثة لا تملك «الصفة» (standing) لمقاضاتها بموجب قانون الرقابة على الحجز، وأن القضايا المتعلقة بالإنفاق المرتبطة بالسياسة الخارجية تمنح الرئيس هامشاً واسعاً من التصرف.
وقبلت المحكمة العليا تعليق تنفيذ أمر القاضي الأدنى، ما مكّن الإدارة من إبقاء نحو 4 مليارات دولار مجمدة مؤقتًا.
والتكتيك الذي اعتمدته إدارة ترامب يوصف عمومًا بأنه «إلغاء الجيب» أو شكل من أشكال الحجز (pocket rescission / impoundment)؛ وهو يعتمد على قانون مراقبة الحجز لعام 1974 الذي يتيح للرئيس تقديم اقتراح لإلغاء مبالغ مخصصة والانتظار لفترة محددة (تصل عادة إلى 45 يومًا) لإعطاء الكونغرس فرصة للرد.
خلافًا لذلك، ترى أطراف معارضة أن الإدارة لم تتبع الإجراءات الشكلية المطلوبة، وأن استخدامها لهذا المخرج يُفرغ مبدأ سيادة الكونغرس في مسائل الإنفاق من محتواه إذا تُرك بلا رقابة قضائية فعّالة.
ووجهت القاضية إيلينا كاجان، التي وقّعت على أحد آراء المعارضة، نقدًا لقرار الأغلبية وأعربت عن أسفها لاستعجال المحكمة النظر في ملفٍ دستوري حساس من دون مراعاة عُمق القضايا والإحاطة الواجبة.
وانضمت إليها القاضيتان سونيا سوتومايور وكيتانجي براون جاكسون في الاعتراض، محذّرات من أن السماح للإدارة بحجب الأموال من دون مساءلة قضائية يعرض توازن الصلاحيات بين السلطات التنفيذية والتشريعية للخطر.
سياسيًا، يأتي القرار في وقت بالغ الحساسية: الحكومة الفدرالية على مقربة من موعد انتهاء تمويلها المؤقت، والمفاوضات بين الديمقراطيين والجمهوريين حول ميزانية العام القادم وإجراءات تجنب الإغلاق قد تشهد تعبًا أكبر بسبب هذا الحكم.
ويطالب الديمقراطيون بضمانات بأن الأموال التي يقرّها الكونغرس ستُنفق فعلاً، بينما قد يسعى التيار الجمهوري والبيت الأبيض إلى مزيد من الضغوط لتأكيد أولويات تنفيذية قبل التفريط في الموارد.
وقرار المحكمة قد يرفع من سقف التوتر في المفاوضات ويجعل من احتمال مواجهة إغلاق حكومي أو تعطّل خدمات فيدرالية نتيجة لاحقة ممكنة أكثر واقعية.
,r] حذر ناشطون قانونيون وإنسانيون من أن تعطيل صرف المساعدات سيترجم بسرعة إلى إغلاقات للعيادات وتعطّل مشاريع صحية وتعافٍ، وسيُلحِق أضرارًا ملموسة بمجتمعات تحتاج إلى هذه الأموال. بعض النوادي المدنية والمنظمات المدّعية وصفت قرار المحكمة بأنه «ممرٌّ خطير» يمنح السلطة التنفيذية شوكة عملية للالتفاف على إرادة المشرّع.
من الناحية القضائية، لم تُحسم القضية نهائياً؛ فقد أعطت المحكمة العليا إشعارًا مؤقتًا يوقف تنفيذ قرار محكمة أدنى، لكن النزاع الأساسي حول مدى سلطة الرئيس في «حجز» الإنفاق وما إذا كان القانون يمنع رفع قضايا مدنية من قبل مستفيدين من المساعدات سيُستكمل أمام المحاكم الأدنى وقد يعود مجددًا أمام أعلى هيئة قضائية في البلاد.
وفي الأمد القريب سيعتمد مصير الأموال على مواقف المراقب العام للميزانية (GAO) وإمكانية تدخل الكونغرس نفسه عبر إجراءات تشريعية أو ضغط سياسي لفرض إنفاق الاعتمادات.
وفي خلاصة الأمر، قضت المحكمة العليا بمنح إدارة ترامب متنفسًا مؤقتًا لتمديد حجب الأموال — خطوة أكسبت البيت الأبيض انتصارًا قضائيًا جديدًا على طاولة الطوارئ، لكنها تركت الباب مفتوحًا أمام معارك قانونية وسياسية أطول أثراً، مع انعكاسات فورية على مفاوضات الميزانية الأميركية وحياة البرامج الإنسانية المتأثرة بهذا التجمد.