أعلن النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح أن بلاده سحبت الجنسية من نحو 50 ألف شخص منذ مطلع العام، في إطار حملة واسعة تستهدف من حصلوا على الجنسية الكويتية بطرق غير قانونية.
وأكد الوزير، في تصريحات لصحيفة القبس، أن “جميع ملفات الجنسية في الكويت قيد المراجعة وتخضع للتدقيق الدقيق دون استثناء”، مشددًا على أن هذه العملية تشمل الجميع، بمن فيهم شخصيات سياسية، حيث قال ردًا على سؤال حول ما إذا كان نواب حاليون أو سابقون ووزراء يخضعون للمراجعة: “الكويت كلها قيد المراجعة”.
تنسيق دولي لكشف “المزورين”
أوضح الشيخ فهد أن التعاون مع عدد من الدول مكّن السلطات الكويتية من كشف أعداد كبيرة من الحالات التي وُصفت بأنها “مزورة”، مشيرًا إلى أن الهدف الأساسي هو حماية الهوية الوطنية وضمان أن يحمل الجنسية الكويتية من يستحقها قانونًا.
وأشار إلى أن اللجنة العليا للجنسية، التي شُكلت قبل أكثر من عام، تتولى دراسة الملفات وتحديد أحقية الأفراد في الجنسية، مضيفًا أن اللجنة نشرت بالفعل أسماء بعض الأشخاص الذين سُحبت منهم الجنسية.
إصدار نسخة إلكترونية جديدة
كشف وزير الداخلية أن السلطات ستطرح قريبًا نسخة محدثة من وثيقة الجنسية الكويتية، سيتم إصدارها إلكترونيًا، في خطوة تهدف إلى تعزيز دقة البيانات والحد من فرص التزوير.
وأشار إلى أن الكويت لا تسمح بازدواج الجنسية، ما يعني أن كل من يحصل على الجنسية الكويتية يتعين عليه التخلي عن جنسيته الأصلية. ويبلغ عدد سكان الكويت نحو خمسة ملايين نسمة، يشكّل الأجانب غالبيتهم.
أسباب متعددة لسحب الجنسية
ورغم أن الحملة تركز أساسًا على من حصلوا على الجنسية بطريقة غير مشروعة، فإنها تشمل أيضًا حالات أخرى. ففي يوليو/تموز الماضي، ذكرت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية أنه تم سحب جنسية أحد الأشخاص “حفاظًا على المصلحة العليا للدولة”، دون ذكر تفاصيل إضافية.
وتنتقل الجنسية الكويتية تلقائيًا من الأب الكويتي إلى أبنائه، كما يمكن منحها عبر لجنة عليا يعين أعضاؤها وزير الداخلية، وتقوم هذه اللجنة بمراجعة طلبات التجنيس بشكل دوري.
خلفية تاريخية وقضية “البدون”
لطالما كانت قضية حقوق المواطنة والجنسية محور نقاش وجدل في الكويت. فقد حصل العديد من الأجانب على الجنسية منذ عقود، خصوصًا ممن ساهموا في بناء مؤسسات الدولة منذ تأسيسها.
لكن تبقى قضية عديمي الجنسية، المعروفين باسم “البدون”، من أكثر الملفات حساسية. ويقدَّر عددهم بنحو 120 ألف شخص يعيشون في الكويت بلا جنسية رسمية، ويعانون من قيود على الحقوق المدنية والخدمات. ورغم محاولات متكررة لإيجاد حلول تشريعية، فإن الخلافات السياسية حالت دون معالجة شاملة لهذه القضية.
جدل داخلي وتأثيرات اجتماعية
الحملة الأخيرة أثارت نقاشًا داخليًا حول معايير سحب الجنسية، إذ يخشى البعض من أن تمتد لتشمل حالات ذات أبعاد سياسية أو انتقامية. في المقابل، يرى مؤيدو الحملة أنها ضرورية لضمان نزاهة نظام الجنسية وحماية الهوية الوطنية من الاستغلال.
كما أن سحب الجنسية من أعداد كبيرة — 50 ألف شخص في أقل من عام — يعد رقمًا استثنائيًا يثير تساؤلات حول حجم التجاوزات التي تراكمت على مدى سنوات، وحول آليات التدقيق التي ستضمن عدم وقوع أخطاء أو ظلم بحق المستحقين.
ويصف مراقبون هذه الحملة بأنها الأوسع في تاريخ الكويت من حيث مراجعة ملفات الجنسية. ويعتبرون أن التنسيق الإقليمي والدولي لكشف حالات التزوير يعكس تغيرًا في نهج التعامل مع هذا الملف، في ظل سعي الحكومة لتعزيز الرقابة على المعاملات الإدارية وربطها بالأنظمة الإلكترونية الحديثة.