كشفت شرطة الخيالة الملكية الكندية (RCMP) عن تفاصيل واحدة من أكبر قضايا غسيل الأموال العابرة للحدود في السنوات الأخيرة، حيث اتُهم شخصان وشركة خدمات مالية بتحويل عشرات الملايين من الدولارات من الإمارات العربية المتحدة إلى كندا، باستخدام شبكة معقدة من الشركات الوهمية والحسابات المصرفية لتغطية مصدر الأموال غير المشروع.
وبحسب ما أوردته صحيفة كالغاري هيرالد، فقد تم توجيه تهم جنائية إلى كل من كيفن سرافی (39 عامًا)، المقيم في ألبرتا، وشقيقه صبا سرافی (45 عامًا)، المقيم في بريتيش كولومبيا، بالإضافة إلى شركتهما Canex Forex Ltd.، بعد تحقيق دام عدة سنوات.
تفاصيل المخطط المالي
تشير التحقيقات إلى أن المتهمين استخدموا شركتهم المالية لتحويل أكثر من 40 مليون دولار كندي من دولة الإمارات إلى كندا، عبر ما وصفته الشرطة بـ”شبكة معقدة من شركات وهمية وأطراف ثالثة”، وذلك من أجل إخفاء طبيعة ومصدر الأموال الأصلية، في خرق صريح لقوانين مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب المعمول بها في البلاد.
وقالت الشرطة في بيان رسمي صدر الإثنين: “لقد صُمم هذا المخطط لتمويه مصدر الأموال، وللتحايل عمدًا على متطلبات الإبلاغ والإفصاح المنصوص عليها في قانون عائدات الجريمة، وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا على النظام المالي الكندي”.
التهم الموجهة
تم إلقاء القبض على كيفن سرافی، ويواجه الآن 27 تهمة جنائية، من بينها 20 تهمة احتيال بمبالغ تفوق 5,000 دولار. ومن المقرر أن يمثل أمام محكمة العدل في ألبرتا بمدينة كالغاري يوم الإثنين المقبل.
أما صبا سرافی، فتم توجيه 29 تهمة ضده، وهو لا يزال هاربًا حتى الآن، وقد أُصدر بحقه أمر اعتقال على مستوى كندا. ويُشتبه في كونه العقل المدبر للمخطط، ويتولى الإشراف المباشر على العمليات الدولية المرتبطة بالأموال القادمة من دبي.
كما وُجّهت 29 تهمة إلى شركة Canex Forex Ltd. التي يديرها المتهمان، بينها 21 تهمة احتيال بمبالغ تفوق 5,000 دولار.
موقع الشركة وارتباطاتها
تُظهر السجلات أن الشركة كانت مسجلة في عنوان وهمي في سوق Eau Claire Market القديم في كالغاري، والذي تم هدمه لاحقًا. وتُبيّن قاعدة بيانات مكتب الأعمال الأفضل (Better Business Bureau) أن الشركة غير معتمدة رسميًا، رغم إدراج صبا سرافی كأحد المالكين الرئيسيين فيها.
ويقول المحققون إن العمليات كانت تعتمد على تحويل الأموال عبر واجهات مالية شكلية، وإيداعها في حسابات تابعة لأطراف ثالثة، ثم إعادة توزيعها في استثمارات مختلفة داخل كندا، تشمل العقارات والذهب والخدمات المالية.
أهمية التحقيق والتعاون الأمني
في تعليقها على القضية، أكدت شرطة الخيالة الملكية أن هذا النوع من التحقيقات يُظهر الحاجة الملحّة لتنسيق الجهود بين أجهزة إنفاذ القانون والهيئات التنظيمية والقطاع الخاص، وذلك لحماية النظام المالي الكندي من الانتهاكات المنظمة.
وأضافت في بيانها: “تؤكد هذه التحقيقات على الأهمية الحاسمة للتعاون بين أجهزة إنفاذ القانون، والوكالات العامة، والقطاع الخاص من أجل تعزيز وتطبيق نظام مكافحة غسيل الأموال في كندا”.
ويُعتقد أن التحقيق قد يُفتح على موجة أوسع من القضايا المرتبطة بتمويلات مشبوهة قادمة من منطقة الخليج، لا سيما من دبي، والتي تُعتبر مركزًا إقليميًا رئيسيًا في تدفق الأموال العابرة للحدود.
ردود الفعل والآثار المحتملة
القضية تثير تساؤلات بشأن الرقابة على تحويلات الأموال الدولية بين كندا ودول أخرى، خصوصًا في ظل وجود ثغرات قانونية وتقنية تُستغل في إنشاء كيانات مالية وهمية.
كما تشير القضية إلى تحدٍّ أوسع تواجهه كندا يتمثل في رصد الأموال ذات المنشأ غير الواضح، وفرض الرقابة الفعّالة على التحويلات التي تمرّ عبر قنوات شرعية الشكل لكنها تُستخدم في أغراض غير قانونية.
ومع استمرار التحقيقات، يبقى السؤال الأبرز: هل ستُكشف شبكات أوسع على ارتباط بهذا المخطط؟ وهل سيتعاون شركاء دوليون – وعلى رأسهم الإمارات – في تتبع مسارات الأموال ومحاسبة المتورطين؟ الأيام القادمة وحدها ستحمل الإجابة.