لدى القادة الأوروبيون قلق متزايد وتساؤلات حول ما قد يفعله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقوات الأمريكية المنتشرة في أوروبا ويريدون إبقاء موقف الناتو خارج طاولة المفاوضات مع موسكو.
وأدى الانقسام المتزايد بين إدارة ترامب وحلفائها الأوروبيين، إلى جانب تلميحات بشأن تقليص عدد القوات الأمريكية، إلى تأجيج القلق الأوروبي بشأن مدى إمكانية الاعتماد على الاتفاق الأمني المستمر منذ 80 عامًا مع الولايات المتحدة، والذي كان ركيزة أمن القارة منذ الحرب العالمية الثانية.
ويجد القادة الأوروبيون أنفسهم في وضع غير مريح، حيث لديهم أسئلة أكثر من الإجابات حول ما ينوي الرئيس ترامب فعله بالقوات الأمريكية في القارة العجوز.
وإذا حدث تقليص، فقد يتراوح من مجرد انسحاب رمزي إلى أسوأ مخاوف أوروبا، وسيعتمد تأثير ذلك على عدد القوات التي سيتم سحبها وسرعة التنفيذ، وفقًا لمسؤولين ومحللين.
وقبل كل شيء، يريد القادة الأوروبيون التأكد من أنه إذا حدث أي نوع من التقليص، فلن يكون ذلك نتيجة لمفاوضات أمريكية مع الكرملين.
وقد غذت تحركات ترامب نحو إعادة ترتيب العلاقات مع روسيا كابوسًا أوروبيًا يتمثل في قبول واشنطن لمطالب موسكو بانسحاب الناتو من أوروبا الشرقية، مما قد يترك جيران روسيا في وضع ضعيف قبل أن تتمكن أوروبا من تعزيز دفاعاتها.
قال كامي غران، المسؤول السابق في الناتو والذي يعمل الآن في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية: “هذا ما يدور في أذهانهم عندما يقولون إنه لا ينبغي اتخاذ قرارات بشأن الأمن الأوروبي دون وجود الأوروبيين في الغرفة.”
وقد غادر العديد من حلفاء الناتو اجتماعًا مع وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث الشهر الماضي وهم مقتنعون بأن واشنطن قد تسحب آلاف الجنود من أوروبا خلال السنوات القادمة، وفقًا لمسؤولين.
وأوضح هيغسيث لنظرائه الأوروبيين أنهم يجب أن يتوقعوا مراجعة عسكرية أمريكية تؤدي إلى تقليص الوجود العسكري الأمريكي، مع تركيز المصالح الأمريكية في أماكن أخرى، مما يعني أن على الأوروبيين تحمل مسؤولية أمنهم.
وعلى الرغم من تطمينات المسؤولين في إدارة ترامب بأنه لن يكون هناك انسحاب وشيك، فإن تحركات الرئيس المتقلبة في إعادة تشكيل التحالفات، بما في ذلك أحدث صدام له مع كييف، عززت قناعة الأوروبيين بأنهم لا يستطيعون التنبؤ بما سيفعله ترامب في النهاية.
وفي هذه اللحظة الحرجة، يجد الشركاء التقليديون للولايات المتحدة أنفسهم في موقف صعب: محاولة إقناع ترامب بالبقاء إلى جانبهم، بينما يستعدون لواقع قد تصبح فيه الولايات المتحدة أقل موثوقية أو حتى عدائية.
وأدى هذا التحول إلى إطلاق تحذيرات وجودية من القادة الأوروبيين بشأن مستقبل الناتو والعلاقة عبر الأطلسي، حيث يسارعون إلى تعزيز جيوشهم والبحث عن مليارات اليوروهات لتحديث ترساناتهم العسكرية.
وأضاف نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس بعدًا آخر للنقاش، حيث لم يكتفِ بتوبيخ القادة الأوروبيين بسبب معاداتهم لليمين المتطرف، بل ربط مستقبل القوات الأمريكية في أوروبا بالسياسات الأوروبية.
وقد زاد هذا التصريح من المخاوف الأوروبية بأن أمنهم قد يعتمد على رؤية الإدارة الأمريكية لتنظيم التكنولوجيا أو خطاب الكراهية.