إحباط في بريطانيا من تباطؤ تطبيع العلاقات مع سوريا رغم إعلان استئنافها

by hayatnews
0 comment

رغم مرور شهر كامل على إعلان وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، استئناف العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، لا تزال السفارة السورية في لندن مغلقة، ومبناها في ساحة بيلجريف شبه مهجور. بين الطلاء المتقشر والنباتات الذابلة، يُجسد المشهد إحباطًا واسعًا في الأوساط الدبلوماسية السورية والبريطانية على حد سواء من بطء الخطوات العملية لتفعيل العلاقات بين البلدين.

فيما يزداد عدد الدول الغربية التي بادرت إلى إعادة فتح سفاراتها في دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، تبدو بريطانيا متأخرة في سباق تطبيع العلاقات، رغم أنها كانت أول من رفع العقوبات الأوروبية عن سوريا في مارس الماضي.

حذر بريطاني بعد اندفاعة أولى

يقول مراقبون إن لندن بدأت بإشارات مشجعة على إعادة الانخراط، لكنها تراجعت سريعًا عن الزخم، في وقت تستضيف فيه عواصم كبرى مثل باريس وفنيسيا وميونيخ مسؤولين سوريين رفيعي المستوى.
لم يُعيَّن سفير بريطاني في دمشق حتى الآن، ولا جرى تبادل السفراء، على الرغم من زيارة لامي الأخيرة إلى العاصمة السورية ولقائه بالرئيس الانتقالي أحمد الشرع.

ويحذر دبلوماسيون سابقون من أن هذا التباطؤ قد يُفقد بريطانيا فرصة التأثير المباشر في مرحلة التحول السياسي في سوريا. وقال الدكتور حايد حايد، من مركز تشاتام هاوس: “بريطانيا بدأت مبكرًا، لكنها فقدت الزخم مقارنة بدول أخرى. لم يزر وزير الخارجية السوري لندن، بعكس جولاته الأوروبية الأخرى”.

تأخر إعادة فتح السفارة… لأسباب متعددة

يعزو المسؤولون التأخير في إعادة فتح السفارة السورية في لندن إلى أسباب لوجستية، منها أن المبنى ظل مهجورًا منذ 2012 ويحتاج إلى ترميم شامل، كما كانت البعثة الدبلوماسية السورية تُدار من بيروت.

لكنّ مصادر تشير أيضًا إلى أن الديناميكيات الميدانية المعقدة داخل سوريا، خاصةً بعد اندلاع العنف الطائفي في السويداء ومذابح استهدفت العلويين في مارس، دفعت لندن إلى التريث.

وتقول تقارير إن آن سنو، الممثلة البريطانية الخاصة لسوريا، ما زالت تقود الدبلوماسية الخلفية، حيث حافظت على زيارات متكررة لدمشق وأشرفت على برامج المساعدات والتعليم، حتى قبل سقوط الأسد.

وبحسب تقارير، فإن منظمة Inter-Mediate البريطانية غير الحكومية لعبت دور الوسيط الرئيسي في التواصل مع فريق الرئيس الشرع منذ عام 2015، فيما أثار الدور السري للمنظمة انتقادات من نواب بريطانيين، طالبوا بمزيد من الشفافية في ملف العلاقات السورية.

خيبة أمل السوريين في بريطانيا

بالنسبة للجالية السورية في المملكة المتحدة، فإن غياب البعثات الدبلوماسية ما زال يشكّل عقبة حقيقية أمام تطبيع الحياة العملية والتعليمية.

تقول المهندسة المعمارية رنيم الوير، التي فرت من حمص عام 2012 وتعيش في لندن: “كنت أتوقع إعلانًا بعد زيارة لامي. نحتاج إلى السفارة هنا. غيابها يصعّب علينا التقديم للعمل أو العودة إلى سوريا”.
وتضيف أن محاولتها وشقيقتها، وهي صيدلانية أطفال، لتصديق مؤهلاتهما البريطانية باءت بالفشل بعد اضطرارهما لإرسال الوثائق إلى السفارة السورية في باريس، حيث فُقدت المستندات.

وتقدم الوير اليوم استشارات لفريق الشرع في دمشق حول تطبيق الذكاء الاصطناعي في الإدارة العامة، لكنها ترى أن العودة بدون دعم قنصلي واضح “مجازفة غير محسوبة”.

هل تؤخر لندن “عن قصد”؟

يشير بعض المراقبين إلى أن بريطانيا، رغم إعلانها الرسمي عن استئناف العلاقات، تتعمد التحرك ببطء لإبقاء باب التفاهم مفتوحًا مع شركائها – خاصة الولايات المتحدة وإسرائيل – الذين ما زالوا يتعاملون بحذر مع القيادة السورية الجديدة.

قال السفير البريطاني الأسبق في دمشق جون جينكينز: “كان علينا استشارة الأمريكيين والإسرائيليين. لديهم مخاوف من بعض مكونات السلطة الجديدة في دمشق، رغم الإشارات الإيجابية من الشرع”.

متى تُفتح السفارات فعليًا؟

بحسب تصريحات مسؤولين سوريين، فإن لقاء لامي والشرع تضمن دعوة متبادلة لإعادة فتح السفارتين، لكن لم يُحدد أي جدول زمني.
ومع استمرار أعمال العنف المتفرقة داخل سوريا، وتأخر بعض ترتيبات التبادل الدبلوماسي، يبدو أن الطريق إلى علاقات طبيعية ما زال مليئًا بالعقبات.

لكن بالنسبة لسوريين مثل رنيم، فإن تأخر الإعلان الرسمي “لا يُغتفر” في لحظة مفصلية: “نحن مستعدون للعودة والمساهمة في بناء بلدنا. ما نحتاجه هو وجود بعثة تمثلنا وتساعدنا، لا شعارات معلقة على الجدران”.

You may also like

Leave a Comment