في خضم الحرب الإسرائيلية على غزة، تعثرت جهود رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، في تحقيق توازن بين العلاقات الخارجية للعراق وحفظ الاستقرار المحلي خلال العام الماضي.
أثارت الصور المروّعة من غزة غضب العراقيين وأثرت أيضًا على شعوب المنطقة الأخرى. في اجتماع حكومي، أعرب السوداني عن دعم العراق الثابت للقضية الفلسطينية، مؤكدًا حقوق الفلسطينيين ودعمه لإقامة دولتهم، ردًا على هجمات حماس على إسرائيل والرد الإسرائيلي عليها في أكتوبر الماضي.
تواصل السوداني التواصل الدبلوماسي في الأيام التالية، حيث أجرى مكالمات هاتفية مع الملك عبدالله الثاني من الأردن، والرئيس عبد الفتاح السيسي من مصر، وأمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، بالإضافة إلى زعماء إقليميين آخرين. حضر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين اجتماعًا في جدة لمنظمة التعاون الإسلامي لمناقشة القضية الفلسطينية، ودعا السوداني إلى عقد اجتماع لجامعة الدول العربية لتنسيق المواقف.
أحد أهم اهتمامات السوداني خلال هذه الجهود الدبلوماسية كان تجنب تصعيد الحرب وانتشارها إلى مناطق أخرى في المنطقة. وقد أصدر سياسيون عراقيون بارزون بيانات تعبيرًا عن الدعم، بما في ذلك الرئيس عبد اللطيف رشيد وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، الذي دعا إلى مظاهرات. أيضًا، أصدر المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني بيانًا يدعم فيه حقوق الفلسطينيين ويدين الاحتلال الإسرائيلي وتدمير غزة.
من الملفت للنظر أن السيستاني لم يدعو إلى تنظيم تعبئة عامة لمواجهة إسرائيل، على عكس بيانه الصادر في عام 2014 ردًاً على هجوم تنظيم الدولة.
من الواضح أن الوضع في العراق بعد أحداث غزة يشكل تحديًا كبيرًا لرئيس الوزراء السوداني. يظهر الغضب الشعبي وتهديدات الميليشيات الشيعية المتحالفة مع إيران أن هناك توترًا متزايدًا في البلاد. يتعين على السوداني مواجهة هذه التحديات والعمل على استعادة الاستقرار والسيطرة على الميليشيات المسلحة.
من الواضح أن القادة السنة والأكراد في العراق يتبنون موقفًا أكثر اعتدالًا تجاه أزمة غزة، وهذا يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على السوداني ومحاولاته لبناء علاقات جيدة في البلاد. ومع ذلك، يجب أن يواجه السوداني التحديات المتزايدة التي تطرحها الميليشيات الشيعية المتحالفة مع إيران ومحاولاتها للتدخل في الشؤون العراقية.
تجدد قوة المتشددين في العراق وزيادة التدخل الإيراني قد تؤثر على سياسة العراق الخارجية وتضع ضغوطًا على السوداني. ينبغي على السوداني أن يواجه هذه التحديات بحكمة ويعمل على تعزيز الاستقرار والأمن في البلاد واستعادة السيطرة على الوضع الأمني.
من المهم أن تتعاون الدول الإقليمية والدولية في دعم السوداني في جهوده لتحقيق الاستقرار في العراق ومكافحة التطرف والإرهاب. يجب أن تستمر الجهود الدبلوماسية والسياسية في تعزيز الحوار والتفاهم بين مختلف الأطراف العراقية والمساهمة في إيجاد حلول سلمية للأزمة.
يجب أن يتعامل السوداني مع هذه الأوضاع المعقدة بشكل حكيم ودبلوماسي، مع الحفاظ على استقرار البلاد والعمل نحو تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العراق.
من الواضح أن السوداني موضعه في وضع صعب ومعقد. يجد نفسه في وسط صراعات إقليمية وتوترات سياسية تتعلق بالعراق وتأثير إيران وميليشياتها. البيان الذي أدلى به لصحيفة وول ستريت جورنال يظهر أنه يسعى للحفاظ على توازن في العلاقات الدولية والتعاون مع الولايات المتحدة وإيران على حد سواء. ومع ذلك، يشير السيناريو المذكور إلى أنه في حالة تصاعد نفوذ إيران والميليشيات العراقية الموالية لها، قد يكون من الصعب الحفاظ على هذا التوازن.
في ظل الضغوط المتزايدة على السوداني لتعديل الاتفاقية الإطارية لإزالة القوات الأجنبية من العراق، يواجه تحديات كبيرة. قد تتعرض العلاقات مع الدول العربية المجاورة التي تحتفظ بعلاقات قوية مع العراق وتعاونها مع السوداني للتهديد. هذا يمكن أن يؤثر على التعاون الاقتصادي والاستثمارات التي تقوم بها هذه الدول، وهي أمور كانت تهتم بها الحكومة السودانية أيضًا.
يتوقف السوداني على تطور الأحداث ونوايا إيران وتصرفاتها. قد يكون الخطاب الذي ألقاه في قمة السلام بالقاهرة كان لديه بعض الأبعاد الداخلية والإقليمية، ولكن يبقى السؤال عما إذا كان سيستمر في الدفاع عن مواقفه السابقة أو سيتعين عليه التكيف مع التغيرات المتسارعة في السياسة الإقليمية.
التعليق الإيجابي من رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي يشير إلى دعم بعض الأطراف للسوداني وحثه على عدم التورط في إجراءات أحادية الجانب قد تؤدي إلى عدم الاستقرار. ومع ذلك، لا يزال السوداني يواجه خيارات صعبة ويجب عليه اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بالحفاظ على استقرار العراق وعلاقاته الدولية.