الدفاع السورية تفتح تحقيقًا في “انتهاكات صادمة” بالسويداء وسط اشتباكات دامية

by hayatnews
0 comment

أعلنت وزارة الدفاع السورية، أنها فتحت تحقيقًا رسميًا في تقارير تتحدث عن انتهاكات جسيمة ارتكبتها مجموعات مسلحة ترتدي زيًا عسكريًا، خلال أسبوع من الاشتباكات العنيفة في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية جنوبي البلاد، والتي أسفرت عن أكثر من 300 قتيل.

وأكد وزير الدفاع السوري، مرهف أبو قصرة، في بيان رسمي، أن الوزارة “تتابع بقلق بالغ” التقارير التي تفيد بوقوع إعدامات ميدانية و”تجاوزات جسيمة لحقوق الإنسان”، وأنه “لن يكون هناك أي تسامح مع أي عنصر يثبت تورطه، حتى لو كان من ضمن قوات الوزارة نفسها”.

وأوضح البيان أن لجنة تحقيق خاصة كُلّفت بجمع الشهادات، وتحديد هوية المسلحين الذين شاركوا في الأحداث الدامية وارتدوا زي القوات الحكومية “دون أوامر رسمية معروفة”، فيما نفت القيادة العسكرية إصدار أي تعليمات باستخدام القوة المفرطة أو تنفيذ عمليات إعدام.

اشتباكات طائفية وتدخلات خارجية

وكانت محافظة السويداء قد شهدت تصاعدًا خطيرًا في الاشتباكات الطائفية بين مجموعات من القبائل الدرزية والبدو، بدءًا من منتصف يوليو، قبل أن تمتد أعمال العنف إلى أحياء عدة في المدينة، ما دفع القوات الحكومية إلى التدخل.

وأفادت تقارير حقوقية محلية ودولية أن عمليات تصفية جسدية طالت مدنيين ومقاتلين، وسط معلومات عن غارات إسرائيلية متكررة استهدفت أطراف المدينة، في إطار ما تصفه تل أبيب بدعمها لـ”الطائفة الدرزية”، التي يشكل أبناؤها مكوّنًا بارزًا في المجتمعين السوري والإسرائيلي.

وبعد أيام من التصعيد، توصلت سوريا وإسرائيل إلى تفاهم لوقف إطلاق النار يوم الجمعة الماضي، وفق ما أكده دبلوماسيون غربيون، وهو ما ساهم في تهدئة نسبية على الأرض، دون أن يوقف الاتهامات المتبادلة حول مسؤولية الانتهاكات.

الداخلية تحقق… والمجتمع الدولي يتابع

وفي سياق متصل، أعلنت وزارة الداخلية السورية فتح تحقيق منفصل بشأن تقارير عن “إعدامات ميدانية نفذها مجهولون” خلال الأحداث، وقال المتحدث باسم الوزارة، نور الدين البابا، إن هذه الوقائع تمثل “جرائم خطيرة تستوجب المحاسبة الكاملة”، مؤكدًا أن أجهزة الأمن تعمل على تحديد المتورطين.

كما قالت لجنة سورية مستقلة لتقصي الحقائق إن أعمال العنف الأخيرة تمثل امتدادًا لسلسلة من الهجمات الطائفية التي اندلعت في مناطق مختلفة منذ مارس/آذار الماضي، مشيرة إلى أن أكثر من 1400 شخص قتلوا في مواجهات شملت قوات الأمن ومجموعات من الطائفة العلوية. وأضافت اللجنة أنها لم تجد أدلة على أن القيادة العسكرية العليا أصدرت أوامر انتقامية، لكنها حثّت السلطات على فرض الرقابة والمحاسبة.

تحذير أمريكي… وقلق من فقدان الدعم الدولي

وفي موقف لافت، دعا المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، توم باراك، الرئيس السوري أحمد الشرع إلى “إعادة تقييم سياساته” واعتماد نهج أكثر شمولًا في التعامل مع التوترات الطائفية، محذرًا من أن استمرار الأوضاع الحالية قد يؤدي إلى “فقدان الدعم الدولي”.

وفي مقابلة مع وكالة رويترز من بيروت، قال باراك إن “الزعيم السوري بحاجة إلى اتخاذ قرارات جريئة، والاعتراف بأن بعض السياسات الحالية لا تؤدي إلى الاستقرار المرجو”، مشيرًا إلى أن المرحلة تتطلب “قيادة عقلانية ومصالحة وطنية واسعة”.

وكان الشرع، الذي تولى السلطة في ديسمبر 2024 بعد الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، قد تعهّد بحماية الأقليات وضمان التعددية، لكنه يواجه انتقادات متزايدة بسبب فشل حكومته في احتواء دوامة العنف والانتقام الطائفي.

وتجدر الإشارة إلى أن العديد من قادة الشرع العسكريين ينتمون إلى فصائل مسلحة سابقة ذات توجهات أصولية، ما يثير مخاوف بشأن مدى التزام السلطات الجديدة بمبادئ العدالة الانتقالية والمحاسبة.

مقتل أميركي… واستنفار دبلوماسي

أكدت وزارة الخارجية الأميركية، الأربعاء، مقتل أحد مواطنيها في السويداء الأسبوع الماضي، دون أن تكشف عن اسمه، مضيفة أنها تقدم الدعم القنصلي الكامل لعائلته، فيما أعربت مصادر دبلوماسية عن “قلق عميق” من تدهور الوضع الإنساني والأمني في الجنوب السوري.

وبينما تتواصل التحقيقات على عدة مستويات، يبقى المشهد في السويداء مرشحًا لمزيد من التعقيد، وسط خوف واسع من انزلاق الوضع نحو فوضى مسلحة مفتوحة، ما لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل يضمن حماية المدنيين والمحاسبة على الانتهاكات.

You may also like

Leave a Comment