كشفت صحيفة تايمز أوف إسرائيل العبرية، أن عددًا من الجنود الإسرائيليين من مزدوجي الجنسية الكندية وردت أسماؤهم في تحقيق صحفي كندي يتّهم إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، وأنهم أصبحوا مترددين في السفر أو العودة إلى كندا خشية اعتقالهم أو خضوعهم لتحقيقات جنائية.

ويستند التقرير الذي نشرته الصحيفة إلى ما وصفته بمصادر مطلعة، ويشير إلى أن الشرطة الفيدرالية الكندية (RCMP) فتحت تحقيقًا رسميًا في يونيو/حزيران الماضي بعد تصاعد الضغوط السياسية والحقوقية، وورود شكاوى من منظمات مدنية كندية تطالب بالنظر في “الانتهاكات الدولية المحتملة” التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية في غزة، وخاصة خلال العمليات العسكرية المكثفة منذ أكتوبر 2023.

تحقيق استقصائي يُثير الهلع

التحقيق الصحفي، الذي أجراه الصحفي الكندي المعروف مايكل إنغرام ونُشر في إحدى المجلات القانونية المتخصصة، سلط الضوء على دور بعض الجنود الكنديين-الإسرائيليين الذين انضموا طوعًا إلى الجيش الإسرائيلي أو خدموا ضمن وحدات قتالية في العمليات داخل قطاع غزة.

وأشار التحقيق إلى “وجود شواهد على ضلوع عدد من هؤلاء في أعمال عسكرية ربما ترقى إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية”.
ورغم أن التحقيق لم يتهم الجنود بشكل مباشر، إلا أن ورود أسمائهم أو وحداتهم العسكرية ضمن التقرير، دفع بعضهم إلى تجنب السفر الدولي.

وأفاد أحد الجنود المزدوجي الجنسية، في حديث لـتايمز أوف إسرائيل شريطة عدم الكشف عن هويته: “كندا كانت دومًا بلدي أيضًا، لكن الآن أشعر أنني قد أُعامل كمجرم فقط لأنني خدمت في الجيش الإسرائيلي… هذا مخيف”.

الشرطة الكندية تفتح الباب أمام “الولاية القضائية العالمية”

التحقيق الذي فتحته الشرطة الكندية يرتكز على مبدأ “الولاية القضائية العالمية”، وهو مبدأ قانوني يتيح للسلطات في دول مثل كندا ملاحقة الجرائم الدولية الجسيمة، مثل الإبادة الجماعية وجرائم الحرب، حتى إن ارتُكبت خارج الأراضي الكندية، طالما أن المتهمين يحملون الجنسية الكندية أو كانوا مقيمين داخلها.

وكانت هيومن رايتس ووتش ومنظمات حقوقية كندية قد رفعت شكاوى رسمية تطالب بملاحقة أفراد يشتبه بضلوعهم في مجازر استهدفت مدنيين في غزة، مشيرة إلى وجود “شبهات قوية” تستدعي فتح التحقيق ومساءلة الأفراد المسؤولين، بغضّ النظر عن جنسياتهم المزدوجة أو طبيعة انخراطهم العسكري.

مخاوف إسرائيلية من سابقة قانونية

في ضوء هذه التطورات، عبّرت دوائر سياسية إسرائيلية عن قلقها من أن يؤدي هذا التحقيق إلى سابقة قانونية يمكن أن تفتح الباب أمام ملاحقات مماثلة في دول أخرى.

وقال مسؤول في وزارة الخارجية الإسرائيلية للصحيفة: “هذا التحقيق الكندي يتجاوز المعايير التقليدية للعدالة، ويُمثل تدخلًا في شؤون جيش يخوض حربًا ضد الإرهاب”.

ومع ذلك، شددت الصحيفة على أن الحكومة الكندية لم تُصدر حتى الآن أي أوامر اعتقال أو مذكرات توقيف، وأن التحقيق لا يزال في مراحله الأولية.

الجنود في موقف حساس

تحدثت الصحيفة إلى محامٍ دولي كندي قال إن وجود أسماء لجنود كنديين في تقارير حقوقية أو صحفية لا يعني بالضرورة إدانتهم، لكنه يُمكن أن يؤدي إلى فتح ملفات تحقيق فردية، أو إدراجهم ضمن قوائم حظر السفر إذا ثبُتت علاقات مباشرة بعمليات قتالية استهدفت المدنيين.

وقال أحد الجنود المتقاعدين: “نخشى أن تُستخدم الجنسية الكندية ضدنا، رغم أننا كنا ننفذ أوامر في إطار مؤسسة عسكرية رسمية”.
ويأتي هذا التحقيق في ظل تصاعد الاهتمام الدولي بمحاسبة مرتكبي الانتهاكات في غزة، خصوصًا بعد تصاعد أرقام الضحايا، وموجة التقارير الحقوقية التي تتهم إسرائيل باستخدام “القوة المفرطة والممنهجة” ضد المدنيين.

وفي حين تؤكد الحكومة الكندية التزامها بالتحقيق في جميع المزاعم الخطيرة وفق القانون الدولي، فإن مصير الجنود مزدوجي الجنسية لا يزال معلقًا بانتظار نتائج التحقيق، الذي قد يتحول إلى أحد أكثر الملفات تعقيدًا في العلاقات الإسرائيلية-الكندية خلال السنوات الأخيرة.

You may also like

Leave a Comment