بعد مرور ستة أشهر على الحرب في غزة، ينقسم الرأي العام الإسرائيلي بشكل عميق بشأن كيفية تحقيق النصر في الحرب وكذلك الأمر بالنسبة للقادة الثلاثة الكبار في حكومة الحرب الذين يهدفون إلى تعزيز الوحدة في هذا الجهد.
أدت الضغائن والخلافات المستمرة منذ فترة بشأن أفضل السبل لمحاربة حماس إلى توتر العلاقات بين صناع القرار في إسرائيل في زمن الحرب، وهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، والرئيس السابق للجيش الإسرائيلي، بيني غانتس.
وقد اختلف الرجال الثلاثة بشأن أكبر القرارات التي يتعين عليهم اتخاذها والمتمثلة في كيفية شن حملة عسكرية حاسمة، وتحرير الرهائن الإسرائيليين، وحكم قطاع ما بعد الحرب.
والآن، يتعين عليهم أيضًا اتخاذ أحد أكبر القرارات التي واجهتها البلاد على الإطلاق: كيفية الرد على أول هجوم مباشر لإيران على الأراضي الإسرائيلية، حيث من الممكن أن يؤثر صراعهم على السلطة على ما إذا كان الصراع في غزة سيتحول إلى معركة إقليمية أكبر مع إيران من شأنها أن تغير النظام الجيوسياسي في الشرق الأوسط وتشكل علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة لعقود من الزمن.
يقول جيورا إيلاند، الجنرال الإسرائيلي السابق ومستشار الأمن القومي: “إن انعدام الثقة بين هؤلاء الأشخاص الثلاثة واضح للغاية وبالغ الأهمية”.
يحاول نتنياهو، رئيس الوزراء الأطول خدمة في البلاد، توجيه حرب غزة بنفسه، في حين يُنظر إلى غالانت وغانتس على نطاق واسع على أنهما يحاولان استبعاد نتنياهو من القرارات.
كان غانتس، الجنرال الذي قاد حرب إسرائيل الكبرى الأخيرة ضد حماس قبل عقد من الزمن، قد أعرب في السابق عن رغبته في الإطاحة بنتنياهو كرئيس للوزراء.
وقد دعا في وقت سابق من هذا الشهر إلى إجراء انتخابات مبكرة في سبتمبر/أيلول بعد أن تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص ضد طريقة تعامل رئيس الوزراء مع الحرب، في إشارة إلى أن قاعدة غانتس أصبحت محبطة بسبب دوره في الحكومة التي يقودها نتنياهو.
وقد اجتمع أعضاء مجلس الوزراء الثلاثة يوميًا منذ الهجوم الذي شنته إيران يوم السبت، وتعهدوا بالرد لكنهم تركوا توقيت الرد وحجمه وموقعه غامضًا.
إنهم يواجهون الان تحديًا في تصميم رد يوازن بين أهدافهم المتمثلة في ردع إيران، وتجنب حرب إقليمية وعدم تنفير الولايات المتحدة والدول العربية المشاركة في صد الضربة الإيرانية.
وقد حث الرئيس بايدن الإسرائيليين على توخي الحذر في أي رد، واستبعد التورط الأمريكي في ضربة إسرائيلية على الأراضي الإيرانية.
ويقول راز زيمت، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي ومقره تل أبيب: “إن خطر سوء التقدير مرتفع للغاية” مضيفا “نحن في بداية مرحلة خطيرة للغاية في الصراع الإيراني الإسرائيلي”.
يعتبر جالانت الأكثر تشددًا بين الثلاثة فقد دعا في بداية الحرب، إلى توجيه ضربة وقائية ضد حزب الله، حليف إيران اللبناني، لكنه أيضًا حريص على التحالف مع الولايات المتحدة.
وأبقى نتنياهو كل من غالانت وغانتس في الظلام بشأن القرارات الرئيسية، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين، كما فكر في تعيين مسؤول عن المساعدات الإنسانية يقدم تقاريره مباشرة إلى مكتبه ويتجاوز وزير الدفاع، حسبما قال مسؤولون إسرائيليون مطلعون على الأمر، في محاولة للسيطرة على المواد الغذائية والإمدادات التي تدخل إلى غزة.
ويقول أمير أفيفي، مؤسس منتدى الدفاع والأمن الإسرائيلي، وهو مركز أبحاث: “من الصعب جدًا على رئيس الوزراء أن يجعل الجيش يفعل ما يريد إذا لم يكن وزير الدفاع متحالفًا معه” مضيفا “هذا الافتقار إلى التوافق يجعل الأمور بالنسبة لنتنياهو صعبة للغاية”.
كان الرجال الثلاثة متنافسين لسنوات، فقد خاض غانتس الانتخابات ضد نتنياهو في خمسة انتخابات وصفها المحللون السياسيون بأنها من أسوأ الانتخابات التي شهدتها البلاد على الإطلاق.
وحاول نتنياهو إقالة غالانت الذي أخبر المقربين منه أن سياسات رئيس الوزراء السابقة في غزة كانت فاشلة.
أما بالنسبة للعلاقات بين غانتس وجالانت، فبالكاد تحدثا مع بعضهما البعض لأكثر من عقد من الزمن قبل الانضمام إلى حكومة الحرب معًا.
وتظهر استطلاعات الرأي أن غانتس هو الزعيم الأكثر شعبية في إسرائيل ويحاول أشخاص مقربون منه إقناع أعضاء ائتلاف نتنياهو وحزبه بمغادرة الحكومة وإجبار رئيس الوزراء على التنحي عن السلطة، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر وهذا من شأنه أن يترك غانتس باعتباره السياسي الأكثر احتمالا ليحل محل نتنياهو.
وقد حاول غانتس الإطاحة بنتنياهو مرات عدة ولكنه فشل، وهو سياسي ذكي يُعرف داخل إسرائيل باسم “الساحر” لقدرته على الهروب من المشاكل السياسية.