قال البنك الدولي إن إجمالي الدين الخارجي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ارتفع إلى 443 مليار دولار العام الماضي حيث أنفقت الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل مبلغا قياسيا قدره 1.4 تريليون دولار على خدمة ديونها الخارجية.
وبحسب بيانات أحدث تقرير للبنك الدولي عن الديون الدولية، فإن رقم العام الماضي يمثل زيادة بنحو 23% منذ عام 2020. وبلغ إجمالي الديون الخارجية المستحقة على جميع البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل 8.8 تريليون دولار في نهاية العام الماضي، بزيادة قدرها 8% منذ عام 2020.
بلغ مستوى الدين الخارجي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 443 مليار دولار، وهو أعلى مستوى له منذ عام 2013 على الأقل، وهو أبعد عام تعود إليه بيانات البنك الدولي. ومثل الدائنون من القطاع الخاص 40% من الديون العامة والمضمونة من قِبَل القطاع العام في المنطقة العام الماضي، مقارنة بنحو 36% للمؤسسات المتعددة الأطراف و24% للشركاء الثنائيين.
وتبلغ ديون مصر والمغرب الخارجية الأعلى في المنطقة نحو 168 مليار دولار و69.3 مليار دولار على التوالي. وتلقت مصر، التي يعاني اقتصادها وسط صراعات إقليمية، قروضا كبيرة من صندوق النقد الدولي في العام الماضي للمساعدة في استقرار اقتصادها.
كان لبنان، الذي من المتوقع أن تبلغ نسبة دينه إلى الناتج المحلي الإجمالي 140% بحلول نهاية عام 2024، يحمل نحو 67 مليار دولار من إجمالي الديون الخارجية العام الماضي، ومعظمها من دائنين من القطاع الخاص.
وكانت الأردن (44.63 مليار دولار) وتونس (41.297 مليار دولار) والعراق (20.33 مليار دولار) من بين أكبر حاملي الديون الخارجية في المنطقة.
ووجد التقرير أن الدول النامية تنفق مبلغا قياسيا قدره 1.4 تريليون دولار لخدمة ديونها الخارجية في عام 2023، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع مدفوعات الفائدة، والتي ارتفعت إلى ما يقرب من 406 مليار دولار.
وقال البنك الدولي إن سداد أصل الدين ظل عند مستوى “مستقر” يبلغ 951 مليار دولار، مضيفا “كانت النتيجة، بالنسبة للعديد من البلدان النامية، تحويلا مدمرا للموارد بعيدا عن المجالات الحيوية للنمو والتنمية على المدى الطويل مثل الصحة والتعليم”.
وأنفقت منطقة الشرق الأوسط 24 مليار دولار على سداد أقساط القروض الأصلية و12 مليار دولار على سداد الفوائد. وكانت مصر الأكثر إنفاقا على سداد الفوائد في المنطقة بواقع 6.27 مليار دولار. ولم تسدد سوريا أي مدفوعات على أقساط الفوائد أو أقساط القروض الأصلية، وفقا للبيانات.
وقد دفعت أفقر بلدان العالم، والتي يحق لها الاقتراض من ذراع الإقراض التابعة للبنك الدولي، 96.2 مليار دولار لخدمة ديونها في العام الماضي في حين ارتفعت تكاليف الفائدة إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 34.6 مليار دولار. والآن أصبحت مدفوعات الفائدة بالنسبة لأكثر بلدان العالم ضعفاً تعادل نحو 6% من عائدات التصدير، وهو أعلى مستوى لها في هذا القرن.
وقال البنك الدولي إن “الضغوط على أفقر البلدان وأكثرها ضعفا كانت شرسة بشكل خاص”. وباستثناء الصين، ارتفعت تكاليف خدمة الديون للدول المنخفضة والمتوسطة الدخل إلى 971.1 مليار دولار العام الماضي، بزيادة 19.7 في المائة عن العام السابق بسبب مستويات الديون القياسية، ووصول أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها في عقدين من الزمان وسط قوة الدولار الأمريكي.
لقد أدى جائحة كوفيد-19 والارتفاع العالمي اللاحق في أسعار الفائدة إلى تفاقم أعباء ديون الدول النامية حيث أصبحت تكاليف الاقتراض أعلى بالنسبة لهذه الاقتصادات. وفي حين تتراجع أسعار الفائدة الآن، فمن المتوقع أن تظل أعلى من مستويات ما قبل الجائحة.
كما تباطأت وتيرة الإقراض الخاص خلال هذه الفترة، مما دفع المؤسسات المتعددة الأطراف إلى التحول إلى جهات إقراض بالغة الأهمية للدول المنخفضة والمتوسطة الدخل. وقد حصلت كل من مصر وباكستان على حزم قروض كبرى من صندوق النقد الدولي.
وقال البنك الدولي إنه وغيره من المؤسسات المتعددة الأطراف أصبحوا بحكم الأمر الواقع مقرضين للملاذ الأخير في عامي 2022 و2023 لأفقر دول العالم، حيث قدموا ما يقرب من 51 مليار دولار أكثر في عامي 2022 و2023 مما جمعوه في مدفوعات خدمة الديون.
وذكر البنك الدولي أنه يمثل 28.1 مليار دولار من هذا المبلغ. وفي الوقت نفسه، ارتفع رصيد الديون المستحقة للدائنين المتعددي الأطراف بنسبة 6.8 في المائة العام الماضي، مقارنة بزيادة بنسبة 0.8 في المائة للدائنين من القطاع الخاص.
وفي بيان صحفي، قال كبير خبراء الاقتصاد ونائب رئيس البنك الدولي إندرميت جيل: “في البلدان الفقيرة المثقلة بالديون، تعمل البنوك التنموية المتعددة الأطراف الآن كمقرض الملاذ الأخير، وهو الدور الذي لم تُصمم للقيام به”.
وأضاف البنك الدولي: “هذا يعكس نظام تمويل مختل: فباستثناء الأموال من البنك الدولي والمؤسسات المتعددة الأطراف الأخرى، تتدفق الأموال من الاقتصادات الفقيرة في حين ينبغي لها أن تتدفق”.
وأظهر تقرير منفصل صادر عن معهد التمويل الدولي أن الدين العالمي ارتفع بأكثر من 12 تريليون دولار خلال الأرباع الثلاثة الأولى من هذا العام إلى مستوى مرتفع جديد بلغ نحو 323 تريليون دولار. وهو ثالث أكبر زيادة ربع سنوية على الإطلاق بعد فترتين منفصلتين خلال جائحة كوفيد-19.
ومن المتوقع أن يستقر الدين العالمي عند 320 تريليون دولار بحلول نهاية هذا العام، ثم يرتفع في عام 2025 وما بعده، ويرجع هذا إلى حد كبير إلى الإنفاق الحكومي. ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي اليوم، التي تبلغ 326%، أقل بنحو 30% عما كانت عليه في عام 2020، على الرغم من أن بعض البلدان مثل تركيا ونيجيريا والبرازيل شهدت زيادات في نسب ديونها.
وقال معهد التمويل الدولي أيضا إن التوترات التجارية المتزايدة قد تقوض آفاق النمو، في حين أن ارتفاع تكاليف الفائدة الحكومية قد يزيد من تعميق الضغوط المالية. وقال المعهد: “قد يكون اتباع سياسات مالية توسعية في عصر من التفتت الجغرافي الاقتصادي المتزايد أمرا صعبا”.