الإمارات تخوض مع واشنطن واحدة من أكثر معاركها التكنولوجية حساسية

by hayatnews
0 comment

تخوض الإمارات واحدة من أكثر معاركها التكنولوجية حساسية، في محاولة لاستعادة ثقة واشنطن بعد استبعاد شركتها الرائدة في الذكاء الاصطناعي G42 من صفقة تصدير شرائح Nvidia المتقدمة التي تشرف عليها إدارة ترامب.

ويبدو أن مستقبل أبوظبي في مجال أشباه الموصلات مرتبط بقدرتها على إقناع صانعي القرار الأمريكيين بأنها شريك موثوق لا يمكن أن يشكّل ثغرة للصين.

وبحسب تقرير *سيمافور*، قال متحدث باسم G42 إن الشركة تمتلك “البروتوكولات الأمنية والمعايير الذهبية” الكفيلة باستضافة أكثر الشرائح تطورًا في العالم دون مخاطر تحويلها إلى أطراف ثالثة.

وجاء ذلك ردًا على تقارير إعلامية أفادت بأن إدارة ترامب قررت تقييد صادرات شرائح Nvidia إلى مجموعة محدودة من الشركات في الإمارات، مستبعدة G42 في الوقت الحالي.

وأكد المتحدث أن الشركة تستخدم “إجراءات أمنية بمعايير ذهبية لمنع أي احتمال لنقل التكنولوجيا إلى الصين”، مشيرًا إلى أن تراخيص تصدير الشرائح المتقدمة لا تزال معلّقة بانتظار مفاوضات طويلة مع وزارة التجارة الأمريكية.

صفقة محدودة وتراجع طموحات

في ضربة لطموحات الإمارات التكنولوجية، سمحت واشنطن هذا الأسبوع بتصدير الشرائح فقط إلى الشركات الأمريكية العاملة داخل الإمارات، مثل *Oracle*، في إطار صفقات بمليارات الدولارات.

ووفقًا لتقرير *بلومبرغ*، جاءت هذه الموافقة بعد اتفاق على استثمارات متبادلة لم تُكشف قيمتها بين الجانبين.

أما G42، التي كانت في طليعة شركات الذكاء الاصطناعي الإقليمية، فوجدت نفسها خارج هذه التفاهمات مؤقتًا.

وقالت الشركة إنها أنشأت أنظمة أمان تفوق متطلبات الترخيص وتتيح “ضمانًا يمكن التحقق منه ضد أي تحويل أو سوء استخدام”، مؤكدة أن بنيتها الأمنية صُممت خصيصًا للوفاء بالمعايير الأمريكية.

من شراكة بايدن إلى قيود ترامب

كانت G42 قد حصلت في عهد إدارة بايدن على تراخيص تصدير لشراء شرائح Nvidia، وأبرمت شراكة كبرى مع *مايكروسوفت*، غير أن الوضع تبدّل مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وإلغائه قواعد التصدير التي حدّت سابقًا من التوريد.

هذا التغيير أجبر الإمارات على تكثيف تحركاتها الدبلوماسية في واشنطن لطمأنة المتشددين تجاه الصين داخل الإدارة الأمريكية والكونغرس.

وقاد الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن القومي ورئيس مجلس إدارة G42، سلسلة زيارات رفيعة المستوى إلى العاصمة الأمريكية برفقة مسؤولين تنفيذيين من الشركة، التقى خلالها وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك ومسؤولين في البيت الأبيض، في محاولة لتأمين تراخيص جديدة.

بدائل استراتيجية وتوازنات دقيقة

في الوقت نفسه، تعمل G42 على تعزيز وجودها داخل الولايات المتحدة عبر إنشاء قدرات حوسبة متقدمة هناك، وبناء شراكات مع شركات شرائح مثل *AMD* و*Cerebras* و*Qualcomm*، في محاولة لتقليل اعتمادها على خطوط التوريد الخارجية.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوات تعكس توجهًا إماراتيًا نحو “توطين التكنولوجيا عبر التحالف”، أي بناء جزء من البنية التحتية داخل أمريكا نفسها لضمان ثقة واشنطن، وفي الوقت ذاته الحفاظ على موقع القيادة الإقليمي في مجال الذكاء الاصطناعي.

ويستند الخلاف التقني إلى قوانين أمريكية ودولية حول السيادة الرقمية. فـ”قانون السحابة الأمريكي” (Cloud Act) الصادر عام 2018 يُلزم الشركات الأمريكية مثل أمازون ومايكروسوفت بتسليم بيانات عملائها عند الطلب القضائي، حتى لو كانت البيانات خارج الولايات المتحدة، فيما أصدرت الصين قوانين مماثلة تتيح لها صلاحيات الوصول إلى البيانات.

وترى الإمارات ودول أخرى أن هذه القوانين تمس سيادتها الرقمية وتفتح الباب أمام تنافس استخباراتي على البيانات الحساسة. ولهذا سعت G42 إلى بناء مراكز بيانات مؤمنة بالكامل داخل الإمارات باستخدام أجهزة من دول غربية فقط، لتفادي أي شبهات تتعلق بوجود “أبواب خلفية” صينية.

أمن مادي ورقابة صارمة

تستخدم مراكز بيانات G42 أنظمة تشفير عسكرية بمعيار FIPS 140-2، مع فصل تام بين وحدات الحوسبة وأنظمة المراقبة والتبريد.

كما يُمنع المواطنون الصينيون من العمل داخل هذه المراكز، وتُفرض إجراءات تفتيش دقيقة على كل الزوار والعاملين، لضمان عدم تسريب البيانات أو استخدام القدرات الحسابية في بناء نماذج ضخمة غير مصرح بها.

وبحسب المحللة الاقتصادية راشيل زيمبا، فإن تأخير التراخيص لا يعكس بالضرورة عقوبات، بل تراكمًا إداريًا داخل إدارة ترامب، التي تركّز على “تقييد الصين بشرائح متوسطة المستوى” مع الاستفادة من العائدات.

وتشير زيمبا إلى أن “الصفقات في السعودية متوقفة أكثر من الإمارات”، معتبرة أن واشنطن إن كانت جادة في توسيع أسواق الذكاء الاصطناعي، فعليها إيجاد آلية توازن بين الحذر الأمني والانفتاح التجاري.

You may also like

Leave a Comment