مادة بلاستيكية صديقة للبيئة قد تحدث ثورة في عالم الإلكترونيات القابلة للارتداء

by hayatnews
0 comment

في خطوة قد تغيّر مستقبل صناعة الإلكترونيات القابلة للارتداء وأجهزة الاستشعار الذكية، أعلن فريق من الباحثين في جامعة كيس ويسترن ريزيرف الأمريكية عن تطوير نوع جديد من البلاستيك الصديق للبيئة، يتميز بخصائص كهروإجهادية استثنائية، دون الاعتماد على العناصر الكيميائية الضارة التقليدية مثل الفلور. ونُشرت نتائج هذه الدراسة الرائدة في مجلة Science العلمية المرموقة.

ويحمل البلاستيك الجديد اسم “البوليمر الكهروإجهادي” (ferroelectric polymer)، وهو يتمتع بخاصية نادرة تجمع بين المرونة وخفة الوزن، وإمكانية تشغيله وإيقافه كهربائيًا، ما يجعله مناسبًا للغاية للتطبيقات المتقدمة مثل المستشعرات المرنة، والأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء، وأجهزة التصوير بالموجات فوق الصوتية، بل وحتى نظارات الواقع المعزز والواقع الافتراضي.

ابتكار دون الفلور الضار

ما يميز الابتكار الجديد أنه خالٍ تمامًا من عنصر الفلور، الذي يُعد من أخطر المواد الكيميائية على البيئة بسبب قدرته على البقاء لعقود طويلة دون تحلل، ويُعرف علميًا باسم مادة “دائمة” (Forever Chemicals). ويعتمد كثير من البوليمرات الكهروإجهادية التقليدية، مثل بولي فلوريدين فينيلدين (PVDF)، على مركبات الفلور، وهو ما أثار قلق العلماء والمدافعين عن البيئة.

وقال البروفيسور لي تشو، الباحث الرئيسي وأستاذ علوم وهندسة الجزيئات الضخمة في كلية الهندسة بجامعة كيس ويسترن: “هذا الابتكار يغيّر قواعد اللعبة. فالمادة الجديدة لا تحتاج حتى إلى التبلور لتكتسب خصائصها الكهربية، وهو أمر غير مسبوق تمامًا في هذا المجال.”

وأوضح تشو أن قدرة البوليمر الجديد على الاحتفاظ بخصائصه الكهروإجهادية دون الحاجة إلى عمليات التبلور المعقدة تفتح الباب أمام تصنيع أجهزة مرنة، خفيفة الوزن، وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة، مقارنةً بالمواد السيراميكية الكهروإجهادية الصلبة المستخدمة حاليًا في العديد من الإلكترونيات الدقيقة.

إمكانات واسعة للتطبيقات المستقبلية

ويقول الفريق البحثي إن البوليمر الجديد يمكنه أن يحل محل المواد الضارة في أجهزة متنوعة، مثل كواشف الأشعة تحت الحمراء، والمستشعرات القابلة للارتداء، وأدوات التصوير بالموجات فوق الصوتية، وأجهزة الواقع المعزز والافتراضي.

البوليمرات هي سلاسل طويلة من الجزيئات، تُعرف بالجزيئات الضخمة أو macromolecules، التي يمكن تعديل خصائصها مثل الصلابة أو المرونة أو القابلية لإعادة التدوير، من خلال التحكم في تركيبها الكيميائي. وتكمن ميزة البوليمرات الكهروإجهادية في خاصية تُعرف بالاستقطاب التلقائي، التي يمكن تغييرها بواسطة مجال كهربائي، ما يسمح بتصميم أجهزة إلكترونية أصغر حجمًا وأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة.

وأضاف تشو: “نحن متحمسون لإمكانية استبدال المواد البلاستيكية الضارة المستخدمة حاليًا في المستشعرات والكواشف. قد يشكل هذا خطوة كبيرة نحو إنتاج إلكترونيات صديقة للبيئة.”

تعاون بحثي واسع النطاق

بدأت الأبحاث على البوليمر الجديد بدعم من وزارة الطاقة الأمريكية في عام 2017. ورغم انتهاء التمويل في عام 2022، استمر فريق تشو في العمل على المشروع حتى تحقق هذا الاكتشاف المتميز.

ويضم فريق البحث في جامعة كيس ويسترن كلًا من فيليب تايلور، وإلشاد اللهياروف، وجياهاو هوانغ، إلى جانب تعاون مع علماء من جامعات ومؤسسات بحثية بارزة مثل جامعة بن ستيت، وجامعة فاندربيلت، والمختبر الوطني بروكهافن، وجامعة ولاية تينيسي، وجامعة تينيسي في نوكسفيل.

وأشار تشو إلى أن الفريق يعمل حاليًا على إنتاج كميات صغيرة من المادة الجديدة لإجراء المزيد من الدراسات التفصيلية حول خصائصها الكهربائية والميكانيكية، كما أن البوليمر الجديد يخضع حاليًا لإجراءات تسجيل براءة اختراع لحماية حقوق الملكية الفكرية للاكتشاف.

ويرى خبراء في مجال الإلكترونيات والمواد المتقدمة أن هذا البوليمر قد يكون بمثابة ثورة في مجال التكنولوجيا القابلة للارتداء، إذ يجمع بين الأداء العالي والاستدامة البيئية، ما يمهد الطريق أمام جيل جديد من الأجهزة الإلكترونية الآمنة والصديقة للبيئة.

You may also like

Leave a Comment