تخوض شركة التدقيق العملاقة إرنست ويونغ (EY) معركة قانونية حامية في المحكمة العليا بلندن، حيث تواجه دعوى قضائية بقيمة تقدر بنحو 2.7 مليار دولار (حوالي ملياري جنيه إسترليني) رفعها المساهمون الرئيسيون في شركة تشغيل المستشفيات الإماراتية “إن إم سي هيلث” (NMC Health).
تدور القضية حول اتهامات متعلقة بإهمال شركة EY في أداء مهام التدقيق خلال الفترة بين 2012 و2018، حيث يُزعم أن الشركة لم تكشف عن اقتراضات ضخمة وضمانات مالية لم يتم الإفصاح عنها في تقاريرها. وتأتي هذه المطالبات المالية بعد انهيار مفاجئ لشركة NMC في عام 2020، على خلفية اكتشاف ديون خفية تجاوزت 4 مليارات دولار، مما أدى إلى تهاوي قيمتها السوقية بعد أن كانت مدرجة في بورصة لندن منذ 2012 وتم ترقيتها إلى مؤشر FTSE 100 عام 2017.
تفاصيل الدعوى وأهميتها
بدأت جلسات المحكمة العليا في لندن في 19 مايو 2025، ومن المتوقع أن تستمر هذه المداولات حوالي 12 أسبوعًا. وتتمحور القضية حول سبعة تقارير تدقيق متتالية أصدرتها EY على مدار سنوات، والتي اعتبرها المحامون ممثلو مديري NMC “مليئة بالأخطاء الجسيمة”. وصف سايمون سالزيدو، المحامي الرئيسي للقضية، أداء EY خلال تلك الفترة بأنه “واحد من أخطر وأوضح حالات فشل شركات التدقيق الكبرى” التي شهدتها المحاكم البريطانية.
وأشار سالزيدو إلى أن الخطأ في تقرير تدقيق واحد يمكن أن يكون عارضًا أو مقبولًا في بعض الظروف، لكن إصدار سبعة تقارير متتالية معيبة، مع تجاهل المليارات من الديون غير المعلنة، يصعب تبريره أو تجاهله.
موقف إرنست ويونغ ودفاعها
على الجانب الآخر، نفت شركة EY اتهامات الإهمال والتقصير، مؤكدة أنها كانت ضحية لـ”احتيال شامل وتآمري” نفذه كبار المسؤولين في NMC، بمن فيهم المساهمون الرئيسيون الذين تلاعبوا بالحسابات المالية لإخفاء الاحتيال عن فريق التدقيق.
ووفقًا لمحامي EY، فإن القضية تعتمد على افتراضات غير واقعية بشأن قدرة المدققين على اكتشاف أشكال الاحتيال المعقدة والمتطورة، مشيرين إلى أن الفريق واجه تحديات استثنائية في تعقب التلاعب المالي الذي تم التخطيط له بعناية.
السياق الأوسع وأثر القضية
لا تعد هذه الدعوى القضائية الأولى التي تواجه فيها EY انتقادات حادة على خلفية قضايا تدقيق معقدة. فقد تعرضت الشركة لانتقادات مماثلة عقب انهيار شركة السفر البريطانية “توماس كوك”، وكذلك فضيحة شركة المدفوعات الألمانية “Wirecard”، والتي أثارت تساؤلات واسعة حول دور شركات التدقيق الكبرى في كشف الفساد المالي.
ويرى المراقبون أن هذه القضية تبرز المخاطر التي تواجهها شركات التدقيق في بيئات أعمال معقدة وفي ظل تزايد حجم التلاعب المالي، خاصة في الأسواق الناشئة التي تشهد توسعًا سريعًا في قطاعاتها الاقتصادية.
المطالبات والتداعيات المالية
يطالب مدراء NMC بتعويضات تصل إلى ملياري جنيه إسترليني، إضافة إلى الفوائد، بعد أن كانت المطالبة الأولية تبلغ نحو 2.7 مليار جنيه، ويركز جزء كبير من هذه المطالبات على ضمانات مالية لم يتم الإعلان عنها خلال فترة عمل EY كمدقق رسمي للشركة.
في سياق متصل، رفعت شركة NMC دعاوى قانونية منفصلة ضد مؤسسها بي.آر. شيتي، الذي ينفي بشكل قاطع ارتكاب أي مخالفات، إضافة إلى أطراف أخرى متورطة في الإمارات، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة.
خطوة استراتيجية من EY
وفي تطور متزامن مع سير القضية، أعلنت EY في وقت سابق من مايو 2025 عن إطلاق خدمة جديدة تحت مسمى “Integrated Finance Managed Services”، التي تهدف إلى تسريع التحول المؤسسي عبر الاستفادة من نظام SAP S/4HANA Cloud، في محاولة لتعزيز مكانتها في قطاع الخدمات المالية والمحاسبية.