اقترح زعماء أوروبيون بناء «جدار» دفاعي منظم لطائرات دون طيار على الجناح الشرقي للاتحاد الأوروبي رداً على موجة من الانتهاكات الجوية والتوغلات التي أُلقي باللوم فيها على روسيا، وسط مخاوف من اتساع رقعة الحرب خارج حدود أوكرانيا.
وسيجمع هذا الإطار الدفاعي الذي دُعي إليه قادة من دول شرق ووسط القارة بين قدرات كشف متقدمة وأنظمة تتبع واعتراض متعددة الطبقات.
وجاء التحرك الأوروبي بعد سلسلة حوادث أظهرت هشاشة المجال الجوي فوق حلف شمال الأطلسي ودول الاتحاد.
وفي منتصف سبتمبر دخلت مجموعة من الطائرات المسيرة الأراضي البولندية ليلًا واستُهدفت بعضها وأسقطت، ما دفع وارسو إلى تفعيل آليات استشارية لحلف الناتو وإثارة قلق دولي من أن الحوادث قد تكون اختبارًا لقدرة الحلف على الرد.
وقبل ذلك بأيام أعلنت إستونيا أن ثلاث طائرات مقاتلة روسية من طراز ميغ-31 اخترقت مجالها الجوي لفترة قصيرة، في حادث اعتبره مسؤولون اختبارًا لاستجابة الناتو وساعَد في تعزيز مدارك الحاجة إلى تحصين الجناح الشرقي.
وفي الدنمارك تسببت مشاهد لطائرات مسيرة متعددة باضطراب حقيقي: أغلقت عدة مطارات مدنية مؤقتًا بعدما شوهدت طائرات دون طيار تحلق فوق بعضها ومنشآت عسكرية، مما وصفته السلطات بأنه «هجوم هجين» لم تُحدد هوية منفِّذيه بعد.
ووصف المفوض الأوروبي للدفاع التحركات الروسية بأنها «اختبار» لوحدة أوروبا والناتو، ودعا إلى الانتقال سريعًا من المباحثات إلى إجراءات عملية—بما في ذلك وضع خريطة طريق فنية وتنسيق صناعي لتوريد نظم كشف (رادارات وأجهزة سمعية وبصرية) وربطها بقدرات اعتراض ميدانية تعمل بتنسيق لحظي بين الدول الأعضاء.
وأكد أن أولوية المرحلة الأولى هي بناء منظومة كشف فعّالة ثم تطوير آليات للتعامل مع الكمّ الهائل من الطائرات الرخيصة التي يصعُب إسقاطها بصواريخ باهظة التكلفة دون اتباع حلول متخصصة.
في الخلفية العسكرية ــ السياسية برز عامل خطير آخر: تكثيف هجمات أوكرانيا بطائرات انتحارية على بنى تحتية نفطية روسية داخل عمق الأراضي الروسية.
وقد أدت ضربات على مجمعات تكرير رئيسية، من بينها مجمع «سالافات» البتروكيماوي، إلى حرائق وإضعاف قدرة التكرير الروسية، ما دفع موسكو إلى الإعلان عن قيود جزئية على صادرات الديزل والوقود في محاولة لدرء نقص داخلي وتأمين الإمدادات. هذه الضربات رفعت أسعار المنتجات البترولية عالميًا وأدخلت بعدًا اقتصاديًا على حسابات التصعيد العسكري.
وما يعنيه كل ذلك عمليًا أن أوروبا تواجه «تحديًا مزدوجًا»: تهديد عسكري/أمني مباشر يتطلب تعزيز دفاعات المجال الجوي وأنظمة الاعتراض، إضافةً إلى تبعات اقتصادية وسياسية ناشئة عن الهجمات التي تطال إمدادات الطاقة الروسية وتنعكس على الأسواق العالمية.
ويحذر حلفاء الناتو وحلفاؤهم الأوروبيون من أن استمرار هذه الأنماط — التجارب الجوية، وإغلاق المطارات، واستهداف منشآت الطاقة — قد يفضي إلى حلقة تصعيد سريعة يصعب احتواؤها إذا لم تُقرّ الاستجابة المجمعة بسرعة وبوسائل تقنية مناسبة.