ألبانيا تفقد بريق “جوهرتها المخفية” وسط طفرة سياحية محمومة

by hayatnews
0 comment

تحولت ألبانيا خلال سنوات قليلة من وجهة سياحية “مخفية” على أطراف أوروبا إلى إحدى أكثر الدول جذبًا للمسافرين، لكنها اليوم تواجه تحديات متصاعدة مع تآكل صورتها الطبيعية الأصيلة وارتفاع تكاليفها السياحية بشكل يهدد بتقويض بريقها.

وعلى بعد ساعات قليلة من العاصمة تيرانا، يجسد شاطئ جالي مسار ألبانيا المتغير. قبل عقد من الزمن كان السكان المحليون يخيمون هناك مجانًا، أما اليوم فقد ارتفعت تكلفة استئجار كرسي للتشمس إلى 10 يورو، فيما تصطف مشاريع البناء على التلال المحيطة.

مطورون عالميون يخططون لتحويل القرية الصغيرة إلى ملاذ فاخر يضاهي الوجهات المتوسطية الكبرى.

صعود نجم ألبانيا
خلال جائحة كورونا، أبقت ألبانيا حدودها مفتوحة بينما أغلقت معظم أوروبا، لتسجل طفرة غير مسبوقة في أعداد السياح.
2021: 5.6 مليون زائر (زيادة 114% عن 2020).
2023: 10 ملايين زائر (زيادة 35%).
2024: 11.7 مليون زائر (رقم قياسي جديد).
2025: الحكومة تأمل بتجاوز 15 مليون سائح في بلد لا يتجاوز عدد سكانه 2.7 مليون نسمة.

هذا التدفق السياحي تحوّل إلى رافعة اقتصادية ضخمة، إذ يشكل القطاع الآن نحو 8% من الناتج المحلي الإجمالي، ويوفر عشرات آلاف فرص العمل.

قوة “إنستغرام”
لم يكن الصعود محض صدفة. وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورًا مركزيًا، حيث تجاوز عدد المنشورات المتعلقة بألبانيا على إنستغرام 3.8 مليون منشور وحققت أكثر من 106 مليار مشاهدة بحلول 2024، مما دفع آلاف الأوروبيين ــ خصوصًا من ألمانيا وإيطاليا وبولندا وفرنسا ــ إلى خوض تجربة السياحة في بلدٍ يُسوّق له باعتباره “الطبيعة البرية الأخيرة في أوروبا”.

وقد تبنت الحكومة الألبانية سياسة محفزة للاستثمارات الفندقية، حيث أعفت منذ 2019 المشاريع من فئة الأربع والخمس نجوم من ضريبة دخل الشركات لعشر سنوات، ومددت هذه الحوافز حتى 2027. النتيجة:
دخول علامات تجارية كبرى مثل ماريوت وراديسون وميليا.
مشاريع دولية ضخمة، منها خطة جاريد كوشنر لتحويل جزيرة ألبانية إلى منتجع فاخر.
لكن النقاد يحذرون من أن التوسع السريع يفتقر إلى تخطيط عمراني وبيئي متوازن، ويهدد بانحسار المساحات الطبيعية التي كانت أساس جاذبية البلاد.

تحديات بيئية واجتماعية
الطفرة السياحية أثارت أزمات متشابكة:
ضغط على الموارد المائية: تحويل المياه من المناطق الداخلية إلى المنتجعات الساحلية أثار احتجاجات شعبية.
مطار فلورا الجديد: موقعه القريب من منطقة محمية أثار جدلاً واسعًا بين النشطاء البيئيين.
الأسعار: تضاعف أسعار الفنادق وأماكن الترفيه أخرج السياحة عن متناول شريحة من السياح المحليين والدوليين الباحثين عن بدائل اقتصادية.

وقد انتقد المعارضون ما وصفوه بـ”الجشع السياحي”، متهمين الحكومة بتفضيل الاستثمارات السريعة على حساب حماية الطبيعة والمجتمعات المحلية.

وقال ألفريد ليلا، المتحدث باسم الحزب الديمقراطي: “لقد حل الجشع محل التخطيط المعقول، وحل محل حب الأرض والطبيعة والوطن”.

You may also like

Leave a Comment