ارتفعت أسعار النفط في الأسواق العالمية يوم الجمعة وسط حالة من التفاؤل بشأن تقدم المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة وشركائها الرئيسيين، وهو ما اعتُبر مؤشرًا على تحسن محتمل في النمو الاقتصادي العالمي، وبالتالي تعزيز الطلب على الطاقة.
وسجّل خام برنت، وهو المعيار العالمي الذي يغطي نحو ثلثي التجارة النفطية، ارتفاعًا بنسبة 0.23% ليصل إلى 69.34 دولارًا للبرميل بحلول الساعة التاسعة صباحًا بتوقيت الإمارات. كما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بنسبة 0.2% إلى 66.16 دولارًا للبرميل.
اتفاقات تجارية تقود التفاؤل
جاءت هذه الزيادة في أسعار النفط عقب تحركات أمريكية واسعة لتوقيع اتفاقات تجارية جديدة. فقد أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هذا الأسبوع، عن صفقة تاريخية مع اليابان، حيث ستُخفّض الرسوم الجمركية على الصادرات اليابانية إلى 15% بدلاً من 25%، مع تنازلات تجارية إضافية تهدف إلى تقليص العجز التجاري الأمريكي مع طوكيو.
وفي تطور متزامن، ذكرت تقارير إعلامية أن الاتحاد الأوروبي بات قريبًا من إبرام اتفاق مع الولايات المتحدة يتضمن فرض تعرفة أساسية بنسبة 15% على بعض الواردات، إلى جانب إعفاءات تجارية محتملة، في خطوة تهدف إلى تهدئة التوترات الاقتصادية بين الجانبين.
كما عبّر مسؤولون هنود عن تفاؤلهم بإمكانية التوصل إلى اتفاق تجاري قبل الأول من أغسطس، فيما أبدت البرازيل والمكسيك استعدادًا لتوسيع علاقاتها التجارية مع واشنطن.
الذكاء الاصطناعي كمحفّز للطاقة
إلى جانب المحفزات التجارية، ألقى الرئيس ترامب الضوء على استراتيجية وطنية جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي، تتألف من ثلاثة محاور رئيسية: تسريع الابتكار، وتوسيع البنية التحتية، وتعزيز الأمن الرقمي. ويرى محللون أن هذه الاستراتيجية قد تؤدي إلى زيادة استهلاك الطاقة، وبالتالي رفع الطلب على النفط، خاصة في قطاعات التصنيع والنقل والتكنولوجيا.
وقال فيل فلين، المحلل في مجموعة “برايس فيوتشرز”: “أسعار النفط تعكس ثقة متزايدة في الاقتصاد العالمي، حيث تسعى إدارة ترامب لتأمين صفقات تجارية مربحة وتحقيق تفوق في الذكاء الاصطناعي. هذا كله يعزز التوقعات بارتفاع الطلب على الطاقة.”
مخاوف من فائض المعروض
ورغم هذا التفاؤل، حذّرت سوجين كيم، محللة الأبحاث في بنك MUFG، من أن أساسيات سوق النفط لا تزال تواجه ضغوطًا بسبب ارتفاع الإنتاج في تحالف أوبك+، الذي يضم كبار المنتجين من بينهم السعودية وروسيا.
وقالت كيم: “مع توقع انخفاض الطلب في نهاية الصيف، واستمرار الإنتاج عند مستويات مرتفعة، فإن السوق قد تشهد تراكمًا كبيرًا في المخزونات خلال الأشهر المقبلة، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع أسعار خام برنت نحو مستوى 60 دولارًا للبرميل.”
وكان تحالف أوبك+ قد أعلن هذا الشهر عن زيادة جديدة في الإنتاج بمقدار 548 ألف برميل يوميًا لشهر أغسطس، بعد زيادات تدريجية بلغت 411 ألف برميل يوميًا في مايو ويونيو ويوليو، و138 ألف برميل في أبريل، في محاولة للاستجابة لطلب السوق المتزايد.
ومن المقرر أن تعقد المجموعة اجتماعها السياسي المقبل في 3 أغسطس/آب لمراجعة مستويات الإنتاج واحتياجات السوق.
عوامل أخرى تضغط على السوق
تظل أسعار النفط عرضة للتقلب، وسط استمرار الضبابية الجيوسياسية والتقنية، بما في ذلك محادثات الاتفاق النووي الإيراني، والتوترات المستمرة بين إيران وإسرائيل، وتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على سلاسل التوريد.
وفي الوقت نفسه، تستمر أسواق الطاقة في مراقبة تطورات الطلب الصيني، باعتباره عاملاً أساسياً في موازين العرض والطلب العالمي، خاصة في ظل تعافي الصناعة الصينية بوتيرة متباطئة.
وبين التفاؤل المدعوم بالاتفاقات التجارية من جهة، والقلق من تخمة المعروض من جهة أخرى، تظل أسعار النفط محكومة بتوازن هش بين الطلب والعرض.
وبينما يراقب المستثمرون تطورات اجتماع أوبك+ المرتقب ومآلات محادثات التجارة العالمية، تبقى مرونة أسعار النفط في مواجهة العوامل المتشابكة هي السمة الأبرز للربع الثالث من عام 2025.