أحمد الشرع في البيت الأبيض: تحول تاريخي وتساؤلات عن مصير العقوبات على دمشق

by hayatnews
0 comment

زار أحمد الشرع، رئيس سوريا الانتقالي، البيت الأبيض في حدث وصفه كثيرون بالتاريخي كونه أول زعيم سوري يلتقي رئيسًا أميركيًا منذ استقلال البلاد عام 1946.

ووضع اللقاء الشرع الذي قاد قوات أجرت الإطاحة ببشار الأسد في أواخر 2024، في مركز مساعٍ دبلوماسية وإقليمية معقدة تعيد تشكيل خريطة العلاقات في الشرق الأوسط.

ولوحظ أن الاستقبال الرسمي الأمريكي بدا حذرًا في صورته العامة؛ حيث دخل الشرع عبر مدخل خلفي ولم يجرِ استقبال احتفالي مألوفًا لكبار الضيوف.

ومع ذلك، اتسم التعاطي الإعلامي والسياسي بتدرج واضح من إظهار حذر بروتوكولي إلى تصريحات علنية من الرئيس الأميركي دونالد ترامب تعلن رغبة واشنطن في «جعل سوريا ناجحة» وتثني على «قوة» قائدها الجديد.

وقد جاءت الزيارة بعد خطوة أميركية مهمة تمثلت في رفع أو تعليق إجراءات أمنية وعقابية ضد الشرع ولجهة قيادته في سوريا، ما فتح الباب أمام قمة رسمية في واشنطن.

وخلف هذه الزيارة تسعى واشنطن لتعزيز محاربة تنظيم الدولة الإسلامية عبر إقناع دمشق بالانضمام إلى التحالف الدولي ضد التنظيم، بينما يدفع الجانب الأميركي أيضًا بخطوات سياسية تهدف إلى ضبط التأثيرات الإيرانية والروسيّة في سوريا وإيجاد شريك إقليمي بديل.
من جانبه، يعمل الشرع على إضفاء شرعية دولية على حكومته، تأمين دعم خارجي لإعادة الإعمار، ورفع العقوبات التي تثقل كاهل الاقتصاد السوري.

وفي حين رحبت دول مثل السعودية وقطر بتقارب الشرع مع الخارج وقطعت جسورًا معه، بدت دول أخرى — على غرار مصر والإمارات — أكثر تحفظًا إزاء تاريخه وعلاقاته السابقة.

وعلمًا بأن استقطاب الدعم الخليجي يعد حجر زاوية في خطط إعادة الإعمار، فإن ثقة المستثمرين الغربيين والخليجيين تبقى مرهونة بملف العقوبات ووضوح المسارات القانونية والسياسية في دمشق.

وعلى طاولة المحادثات قضايا عملية وحساسة: فتح الحدود أمام المساعدات الإنسانية، ضمانات بعدم احتضان منظمات متطرفة على أرض سوريا، ترتيبات أمنية للتنسيق ضد بقايا تنظيم الدولة، وسبل إعادة إدماج قوات محلية متنازعة ضمن هياكل أمنية موحّدة.

كما طُرح ملف رفع العقوبات الأميركية المفروضة على دمشق جزئيًا أو مؤقتًا، في إطار تنازلات متبادلة محتملة؛ خطوة يراها الشرع وحلفاؤه شرطًا أساسيًا لجذب استثمارات وإطلاق مشاريع إعادة الإعمار.

لكن التحول الدبلوماسي لا يعفي الشرع من تحديات داخلية جسيمة: سوريا تواجه اقتصادًا متداعيًا، مؤسسات عامة متهالكة، وانتشارًا واسعًا للفساد، إضافة إلى انقسامات أمنية وسياسية محلية — أبرزها تردد قسد (قوات سوريا الديمقراطية) عن الانضمام الكامل إلى هياكل دمشق العسكرية والإدارية.

كما أن ثمة مقاومة داخلية وخارجية تجاه تسهيل عودة استثمارات كبرى قبل تقديم ضمانات قانونية وسياسية طويلة الأمد.

والأسئلة الجوهرية التي تطرأ الآن تشمل إمكانية ترجمة هذا التقارب الدبلوماسي إلى رفع دائم وشامل للعقوبات، أم إلى إعفاءات مؤقتة تحافظ على هامش ضغط؟ وهل سيؤدي مؤتمر إعادة الإعمار والتعهدات الخليجية إلى تدفق استثماري حقيقي أم ستثنيه المخاطر السياسية والتهديدات القانونية؟.

كذلك، هل سيضمن التحالف الجديد الحفاظ على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة، أم أنه سيمهد لثغرات استغلها منافسون إقليميون؟

وبالمحصلة فإن زيارة أحمد الشرع إلى واشنطن لم تكن مجرد لقطة بروتوكولية؛ بل علامة فارقة في مسار طويل من العزلة السورية.

لكنها تفتح أيضًا ملفًا معقدًا من الشروط والرهانات: نجاحها سيحتاج أكثر من لقاء واحد وصور مصافحات— سيتطلب ترتيبات سياسية وقانونية عميقة تُطمئن الشركاء الإقليميين والدوليين، وتقدّم خارطة طريق واضحة لإعادة بناء دولةٍ تعيش فوق أنقاض عقد ونصف من الحرب.

You may also like

Leave a Comment