أعلن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، عن نية المملكة ضخ استثمارات تصل إلى تريليون دولار في الاقتصاد الأمريكي، في خطوة احتفى بها الرئيس دونالد ترمب باعتبارها دليلًا على قوة علاقته بالرياض ورغبة الأموال العالمية في العودة إلى الولايات المتحدة.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يواجه فيه الاقتصاد السعودي ضغوطًا مالية، خاصة مع انخفاض أسعار النفط التي تحتاج المملكة إلى مستوى 100 دولار للبرميل لدعم مشاريعها الضخمة، مثل مدينة “ذا لاين” بطول 105 أميال بلا سيارات ومشروع “نيوم” على البحر الأحمر بقيمة 500 مليار دولار، ضمن رؤية المملكة 2030 لتنويع اقتصادها.
ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن الرقم الضخم للصفقة لا يعني بالضرورة وصول الأموال الفعلية على الفور.
فقد قال سايمون هندرسون، الباحث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إن “مصطلح استثمار في هذه الحالة قد يشير إلى مشتريات ملموسة مثل طائرات ودبابات وشرائح إلكترونية، وليس رأسمال طويل الأجل”، موضحًا أن تفاصيل الرقم الزمني وموعد ضخ الأموال الفعلية ما تزال غير واضحة. وأضاف هندرسون أن الوضع المالي للسعودية قد يبطئ تنفيذ بعض المشاريع الضخمة على المدى القريب.
من جانبه، رأى إي. جي. أنتوني، كبير الاقتصاديين في مؤسسة هيريتيج، أن تنفيذ استثمارات بهذا الحجم على مدى سنوات يبقى ممكنًا، مشيرًا إلى ثروة المملكة النفطية الهائلة وطموحاتها الاستراتيجية الطويلة الأجل.
وقال إن شكل الاستثمار والقطاعات المستهدفة سيحددان كيفية استفادة الاقتصاد الأمريكي، مع توقعات بأن تكون قطاعات البتروكيماويات والبنية التحتية ضمن الخيارات المحتملة، إلا أن التفاصيل الرسمية لم تتضح بعد من البيت الأبيض.
ويشير الخبراء إلى أن هذه الصفقة، حتى لو استغرقت سنوات طويلة لتنفيذها، ستسهم في تعزيز الأسواق الأمريكية والثقة فيها على المدى القصير، في حين أن العوائد الأكبر ستظهر غالبًا بعد انتهاء ولاية الرئيس ترمب.
وقال أنتوني: “معظم ما فعله الرئيس دونالد ترمب سيجني فوائده بعد مغادرته المنصب”.
كما أشار إلى أن كل إعلان عن استثمار أجنبي في الولايات المتحدة يرفع أسعار الأسهم لأن الأسواق ترتبط بتوقعات الأرباح المستقبلية، ما يجعل هذه الصفقة نقطة دعم لرواية ترمب الاقتصادية أمام الرأي العام.
وبينما تثير الصفقة تفاؤلًا بشأن نمو الاقتصاد الأمريكي وزيادة قاعدة الضرائب وانخفاض العبء على الأفراد، فإن نجاحها يعتمد على التنفيذ الفعلي والتزام السعودية بضخ الأموال على المدى الطويل، ما يجعلها اختبارًا طويل الأمد للعلاقة الأميركية–السعودية، لن تتضح نتائجه إلا بعد سنوات.
وتظل التفاصيل الكاملة للصفقة، بما في ذلك القطاعات المستهدفة والإطار الزمني الدقيق، غامضة، لكن إعلان ولي العهد السعودي يمثل مؤشرًا مهمًا على الرغبة في توسيع الشراكة الاقتصادية مع الولايات المتحدة، رغم التحديات المالية الحالية التي تواجه المملكة.