شركات الشرق الأوسط تواجه ارتفاع التكاليف بعد فرض ترامب رسومًا جمركية جديدة

by hayatnews
0 comment

في خطوة جديدة ضمن سياسة “أمريكا أولاً” التجارية، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرًا تنفيذيًا يفرض جولة جديدة من الرسوم الجمركية المتبادلة، تراوحت بين 10% و41%، ما يضع شركات الشرق الأوسط أمام تحديات تشغيلية ومالية متزايدة، رغم تخفيضات طفيفة في بعض الدول مقارنة بما تم إعلانه في أبريل الماضي.

تخفيضات شكلية لا تخفف العبء
رغم أن بعض الدول شهدت تخفيضات طفيفة في نسب الرسوم الجمركية، مثل العراق (من 39% إلى 35%) وتونس (من 28% إلى 25%)، فإن الأعباء ما زالت مرتفعة. سوريا بقيت الأكثر تضررًا بنسبة 41%، بينما فُرضت رسوم جديدة بنسبة 15% على كل من الأردن وإسرائيل، انخفاضًا من 20% سابقًا.

ويقول مراقبون إن هذه التخفيضات لا تعني الكثير على الأرض. فبحسب بيتر ميدلبروك، الرئيس التنفيذي لشركة جيوبوليتي في الإمارات، فإن “القطاعات الرئيسية مثل التصنيع، والكيماويات، والإلكترونيات، لا تزال تحت الضغط، بينما لا تقدم التخفيضات أكثر من تخفيف تجميلي”.

تأثر واسع للقطاعات الصناعية والخدمية
ستجد الشركات الإقليمية، خصوصًا في دول مثل الأردن وتونس والعراق، نفسها أمام خيارات صعبة. إما امتصاص تكاليف التوريد الإضافية، أو تحميلها إلى المستهلكين، في وقت تشهد فيه الأسواق الإقليمية أصلاً ضغوطًا تضخمية. وقد تلجأ بعض الشركات الكبرى إلى تنويع سلاسل التوريد أو فتح أسواق بديلة، لكن الشركات الصغيرة والمتوسطة ستكون الأكثر تضررًا.

الرسوم الجديدة تطال أيضًا الشركات التي تعتمد على استيراد مكونات أميركية حساسة، خصوصًا في قطاعات الأدوية والتكنولوجيا والمعدات الصناعية، ما يؤدي إلى زيادة في أسعار التصنيع النهائي أو تعطل بعض خطوط الإنتاج.

تأثير محدود نسبيًا على بعض الاقتصادات
بحسب نسيب غبريل، كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس، فإن التأثير العام على دول الشرق الأوسط قد يكون محدودًا بالنظر إلى أن إجمالي صادرات المنطقة إلى الولايات المتحدة لا تتجاوز 4% من صادراتها الإجمالية، وتشكل المنتجات النفطية الجزء الأكبر منها، وهي مستثناة من الرسوم الجديدة.

وقال غبريل إن اقتصادات مثل مصر والأردن ولبنان والمغرب وتونس، التي لا تعتمد بشكل كبير على التصدير إلى الولايات المتحدة، ستكون أقل تأثرًا، رغم أن صناعاتها الخفيفة مثل الألبسة والمجوهرات قد تواجه صعوبات.

فقدان الثقة في استقرار السياسات التجارية
من جهته، حذر دين ميكلسن، محلل الشؤون اللوجستية المقيم في الإمارات، من أن هذه الإجراءات تُحدث “تحولاً في تصور الشراكة التجارية مع الولايات المتحدة”، مؤكدًا أن السياسات الجمركية المتقلبة تفقد ثقة المستثمرين وتزيد من حالة عدم اليقين.

وأضاف: “حتى الحلفاء الاستراتيجيون مثل إسرائيل والأردن لم يسلموا من الرسوم الجديدة، مما يرسل إشارة بأن لا أحد بمنأى عن التغيّرات المفاجئة”. ويرى ميكلسن أن هذا سيدفع الشركات إلى تعزيز شراكاتها مع أوروبا وآسيا وأفريقيا، بحثًا عن أسواق وممرات تجارية أكثر استقرارًا.

الشركات الناشئة في مأمن نسبيًا
رغم تأثير الرسوم على القطاعات التقليدية، فإن شركات التكنولوجيا الناشئة في الشرق الأوسط تبدو بعيدة عن التأثر المباشر. وقال فادي غندور، الرئيس التنفيذي لشركة ومضة كابيتال، إن “معظم الشركات الناشئة في المنطقة تعتمد على أسواق محلية أو إقليمية ولا تُنتج سلعًا مادية تُصدّر إلى الولايات المتحدة”، مشيرًا إلى أن تمويلها يأتي أساسًا من داخل المنطقة.

وأكد أن الرسوم الجمركية لن تؤثر على بيئة الاستثمار في شركات التكنولوجيا أو رأس المال الجريء، كونها تعمل خارج منظومة التبادل التجاري الكلاسيكي.

مخاوف من تباطؤ النمو في القطاعات غير النفطية
تبقى القطاعات الصناعية والزراعية والسيارات والسلع الاستهلاكية في الشرق الأوسط الأكثر عرضة للضرر. وتزداد المخاوف من تراجع تنافسية منتجات هذه القطاعات في السوق الأميركية، خاصة في ظل ارتفاع التكاليف وضعف الهوامش.

ويرى مراقبون أن هذه الإجراءات تُشكّل جزءًا من نهج أوسع لدى إدارة ترامب لإعادة تشكيل العلاقات التجارية الدولية، وفرض صفقات ثنائية تُفضّل المصالح الأميركية، حتى على حساب الحلفاء والشركاء التقليديين.

وفي ظل بيئة تجارية غير مستقرة، باتت شركات الشرق الأوسط مطالبة بإعادة تقييم استراتيجياتها، وتوسيع قنوات التوريد، وتقليل الاعتماد على السوق الأميركية. وبينما تلوح بوادر تحوّل عالمي في السياسات التجارية، تبقى المرونة وسرعة التكيّف هي السلاح الأهم للبقاء في المنافسة.

You may also like

Leave a Comment