أوقف المسؤولون في بروكسل المحادثات الجديدة بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي حول إعادة ضبط العلاقات بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وسط خلافات بين دول الاتحاد بشأن المدفوعات البريطانية للمشاركة في السوق الموحدة.
ويأتي هذا التعليق في وقت حرج قبل تطبيق الاتحاد الأوروبي لضريبة جديدة على الكربون تستهدف السلع كثيفة الانبعاثات، والتي ستدخل حيز التنفيذ مطلع يناير المقبل.
وقد فشل سفراء الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة في إعطاء الضوء الأخضر للمفاوضات المتعلقة بربط أنظمة تداول الانبعاثات في المملكة المتحدة مع نظيرتها الأوروبية، فضلاً عن المحادثات بشأن اتفاقية الأغذية الزراعية. ومن المقرر أن تستأنف المحادثات يوم الثلاثاء المقبل.
وكان من المفترض أن تبدأ هذه المحادثات فعليًا بعد الاتفاق المبدئي الذي أُبرم في قمة المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في مايو، لكن موافقة الدول الأعضاء ضرورية للشروع في المفاوضات.
ويشكل التأخير ضربة للمفاوضين البريطانيين الذين كانوا يأملون في إبرام اتفاق بشأن نظام تجارة الانبعاثات قبل أن يُطبق الاتحاد الأوروبي نظامه الضريبي الحدودي الجديد على الكربون.
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق بحلول نهاية ديسمبر/كانون الأول، ستتأثر الشركات البريطانية التي تصدر سلعًا كثيفة الكربون إلى الاتحاد الأوروبي، مثل الصلب والأسمنت، بالضرائب اعتبارًا من الأول من يناير.
وقال دبلوماسي مطلع على المحادثات إن الخلاف الرئيسي يكمن في المبلغ الذي يتعين على المملكة المتحدة دفعه للمشاركة في السوق الموحدة، مع وجود تباين حول موعد السداد وما إذا كان يجب ربطه باتفاقية تجارة الكهرباء القادمة أم تأجيله إلى وقت لاحق.
وأضاف الدبلوماسي أن هناك إحباطًا أيضًا بشأن تأخر المحادثات المتعلقة بتنقل الشباب، وهي مسألة تعتبر أكثر إثارة للجدل من اتفاقية الربط البيئي، مع استمرار الدول الأعضاء في تبادل المواقف حول التفاصيل الفنية والسياسية.
من جانبها، أكدت الحكومة البريطانية أنها تعمل مع الاتحاد الأوروبي لتنفيذ الحزمة المتفق عليها في قمة مايو، مشددة على أنها ستوافق فقط على الاتفاقيات التي تحقق قيمة للمملكة المتحدة وقطاعها الصناعي. وقال متحدث باسم الحكومة: “لم يتم الاتفاق على أي شيء، ولن نعطي تعليقًا مستمرًا على المحادثات الجارية”.
ويرى خبراء أن استكمال مفاوضات الربط بحلول نهاية العام أصبح أمرًا صعب التحقيق.
وقال آدم بيرمان، مدير السياسات والدعوة في مؤسسة الطاقة بالمملكة المتحدة، إن هذا التأخير يمثل “مشكلة” للشركات البريطانية التي ستخضع فجأة لضريبة الكربون الجديدة، ما قد يؤثر بشكل خاص على قطاع الطاقة، ويزيد من الانبعاثات الأوروبية إذا استُبدلت الواردات البريطانية “النظيفة نسبيًا” بمنتجات عالية الكربون.
وفي الوقت نفسه، يسعى وزير العلاقات مع الاتحاد الأوروبي في المملكة المتحدة، نيك توماس سيموندز، للتوصل إلى اتفاقية صحية ونباتية للأغذية الزراعية بحلول عام 2027، ما يتطلب الانتهاء من المحادثات مع الاتحاد الأوروبي في وقت ما من عام 2026 لضمان وجود الوقت الكافي للبرلمان لإقرار التشريعات.
وتكتسب مسألة الضرائب الجديدة على الكربون أهمية خاصة بالنسبة لأيرلندا الشمالية، حيث لا توجد حدود صارمة مع الاتحاد الأوروبي، ما يجعل المنطقة محتملة كنقطة دخول للسلع عالية الكربون إلى السوق الأوروبية.
ويجري النقاش حاليًا حول إمكانية منح إعفاء مؤقت أثناء استمرار مفاوضات الربط، في حين يسعى الطرفان لإيجاد حل يوازن بين المصالح الاقتصادية والبيئية.
ويعتبر موضوع المدفوعات المالية البريطانية للاتحاد الأوروبي حساسًا سياسياً داخل المملكة المتحدة، مع اعتراضات من بعض الأطراف السياسية على ما وصفوه بمحاولات الاتحاد الأوروبي “ابتزاز الأموال” من دافعي الضرائب البريطانيين.
وقال متحدث باسم حزب المحافظين إن إعادة ضبط العلاقات بعد البريكست “تحولت إلى ضربة قاسية لدافعي الضرائب البريطانيين”، متهمًا بروكسل بمحاولة فرض تكاليف إضافية على المملكة المتحدة.
ورغم كل هذه العقبات، يظل هناك تفاؤل حذر بأن المحادثات ستستمر وستصل إلى اتفاق في نهاية المطاف، خاصة فيما يتعلق بالمسائل التقنية لنظام تجارة الانبعاثات، التي تعتبر أقل حساسية من الجوانب السياسية المرتبطة بتنقل الشباب والمدفوعات المالية.