“الفيدرالية البراجماتية”: دراجي يقترح وصفة طوارئ لإخراج الاتحاد الأوروبي من مأزقه

by hayatnews
0 comment

دعا ماريو دراجي، رئيس الوزراء الإيطالي السابق ورئيس سابق للبنك المركزي الأوروبي، إلى «فيدرالية براجماتية» كحل عاجل لإخراج الاتحاد الأوروبي من حالة الشلل السياسي والضعف الاستراتيجي التي يواجهها، محذّراً من أن هيكلية التكتل الحالية «غير مجهزة» للتعامل مع عالم يزداد حمائيةً وتنافسًا عسكريًا.

وجاءت تصريحات دراجي خلال كلمة ألقاها في مدينة أوفيدو الإسبانية بعد تسلمه جائزة أميرة أستورياس للتعاون الدولي. وقال إن «كل المبادئ التي تأسس عليها الاتحاد تقريبًا أصبحت تحت الضغط».

وأشار إلى أن عصر الانفتاح والتعددية الذي بنى عليه الاتحاد ازدهاره بات اليوم يواجه تحديات تمثلها العودة إلى الحمائية والعمل الأحادي الجانب، إضافةً إلى «عودة القوة العسكرية الصارمة» في النظام العالمي.

وركز دراجي على أن المشكلة الجوهرية لا تكمن في نقص الرغبة السياسية فقط، بل في أنّ «حكوماتنا لم تتغير منذ سنوات عديدة» وأن «الهيكل الأوروبي القائم اليوم ببساطة لا يستطيع تلبية مثل هذه المطالب».

وللتعامل مع ذلك اقترح نموذجًا يقوم على «تحالفات بين الراغبين» تُنَفّذ مبادرات مشتركة في مجالات استراتيجية، من دون أن تُملي على جميع الدول السير بنفس الوتيرة — ما يُترجم عمليًا إلى أوروبا متعددة السرعات.

الفكرة، كما شرحها دراجي، تسمح للدول التي تريد التقدم في ملفات مثل أشباه الموصلات، البنية التحتية للشبكات، أو تقليل تكاليف الطاقة بالتحالف والعمل المشترك، فيما لا تقف دول أخرى عائقًا أمام هذا التقدّم.

لكنه أقرّ بأن هذه القفزة الفيدرالية ستستلزم تنازلات متمثلة في التخلّي عن حق النقض (الفيتو) في بعض الملفات، وهو مطلب يثير مقاومة تاريخية لدى دول أصغر تخشى فقدان نفوذها أو تهميشها أمام القوى الكبرى.

وتدعو مقترحات دراجي إلى تغيير معاهدات أوروبية وتبني آليات أسرع لصنع القرار على مستوى الاتحاد. وهو موقف يعود إلى تقرير بارز صدر عن دراجي في 2024 حول تعزيز قدرة التنافس الأوروبية، كما سبق ودعا إلى «الفيدرالية البراجماتية» حين كان رئيسًا للوزراء في 2022.

لكن ما يجذب الانتباه هذه المرة هو وصفه للوضع الحالي بأنه «كفاح» يتطلب إصلاحات هيكلية سريعة لا تتسامح مع البطء التقليدي في آليات التكتل.

والاستجابة لفكرة «تحالفات الراغبين» قد تمثّل فرصة لولادة «أبطال أوروبيين» في سلاسل القيمة التكنولوجية والصناعات الثقيلة، بحسب دراجي، ما قد يسهم في خفض فاتورة الطاقة وتعزيز قدرات الابتكار.

ومع ذلك، يظل السؤال العملي: كيف يمكن تحقيق التوازن بين الطموح الأوروبي الموحد وضرورة الحفاظ على شرعية ومكانة الدول الأصغر داخل الاتحاد؟

ويرى محلّلون في خطاب دراجي محاولة لإعادة إطلاق النقاش حول عمق التكامل الأوروبي بعدما أظهرت الأزمات الأخيرة — من أزمات الطاقة إلى الضغوط الجيوسياسية — حدود الآليات الحالية.

لكنهم يحذّرون أيضًا من مخاطر «أوروبا متعددة السرعات» إذا لم ترافقها آليات حماية سياسية واجتماعية تضمن عدم تهميش شرائح واسعة من الدول والمواطنين.

ويقدم دراجي وصفة جذرية لمعالجة ما يعتبره انهيارًا نسبيًا لمبادئ الاتحاد التقليدية، لكنه يضع القادة الأوروبيين أمام معضلة عملية: إما السير بخط أسرع نحو تكاملٍ أعمق يفرّط جزئيًا بسيادة وطنية في ملفات محددة، أو الاستمرار في الوضع الحالي الذي قد يؤدي إلى تآكل تدريجي لقدرة الاتحاد على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين.

You may also like

Leave a Comment