السعودية تريد تشغيل 7% من الذكاء الاصطناعي العالمي – لكن هل تكسب ثقة العالم؟

by hayatnews
0 comment

مع إعلان المملكة العربية السعودية عن إطلاق شركتها الجديدة للذكاء الاصطناعي “هيومين”، بدعم حكومي واستثمارات ضخمة، تزداد طموحات الرياض في أن تصبح لاعباً عالمياً بارزاً في مجال الذكاء الاصطناعي، في خطوة تنسجم مع رؤية 2030 الساعية لتنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط.

تسعى المملكة إلى تحقيق هدف طموح يتمثل في تشغيل ما يصل إلى 7% من قدرات الذكاء الاصطناعي العالمية بحلول عام 2030. وقد خصص صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذي تبلغ قيمته 940 مليار دولار، نحو 10 مليارات دولار للاستثمار في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة، كما أبرمت المملكة اتفاقيات مع عمالقة التكنولوجيا مثل AMD وأمازون ويب سيرفيسز، واستثمرت ملياري دولار مع كوالكوم لإنشاء مركز تصميم شرائح في الرياض.

طموح ضخم… لكن التحديات كبيرة

ورغم وضوح الطموح، يبقى السؤال الأهم: هل المال وحده يكفي لوضع السعودية في مصاف الدول الرائدة عالمياً في هذا القطاع؟ يرى الخبراء أن بناء البنية التحتية شيء، وبناء الثقة والقدرات التقنية والسمعة البحثية شيء آخر تماماً.

تخطط المملكة لبناء قدرات حوسبة ذكاء اصطناعي تصل إلى 6.6 جيجاواط بحلول 2034، كما بدأت بالفعل في إنشاء مراكز بيانات متقدمة، من بينها مركز بيانات بسعة 50 ميجاوات بحلول 2026، مجهز بـ18 ألف شريحة من إنتاج شركة إنفيديا الأميركية، وهي الشرائح التي تعد المحرك الأساسي لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي العملاقة.

لكن المملكة لا تهدف إلى منافسة الشركات الأميركية أو الصينية مباشرةً في تطوير النماذج الرائدة مثل GPT-4 أو Gemini. وبدلاً من ذلك، تركز السعودية على تطوير نماذج باللغة العربية، مثل “سعودي بيرت” و”ألام”، استناداً إلى أطر عمل مفتوحة المصدر مثل “لاما” من شركة ميتا.

تحديات استقطاب المواهب

أحد أكبر التحديات أمام السعودية هو جذب الكفاءات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وهو أمر يواجه صعوبة حتى لدى أكبر الاقتصادات. ففي سوق تنافسية للغاية، تقدم فيها شركات مثل ميتا مكافآت انضمام تصل إلى 100 مليون دولار لأبرز علماء الذكاء الاصطناعي، ستحتاج المملكة إلى وقت طويل وجهود حثيثة لبناء فرق بحثية عالمية المستوى.

إضافةً إلى ذلك، يظل استكمال أطر الحوكمة الرقمية وحماية البيانات مسألة محورية لكسب الثقة الدولية. وتعمل السعودية على تطوير تشريعاتها في هذا المجال، إذ أطلقت سياسة وطنية للبيانات، وتسعى إلى تدريب كوادر محلية قادرة على إدارة المعايير الرقمية وفقاً للممارسات العالمية.

“سفارات البيانات” … فكرة مبتكرة

من بين المبادرات المثيرة للاهتمام في الاستراتيجية السعودية للذكاء الاصطناعي، فكرة “سفارات البيانات”. تقترح المملكة إنشاء مراكز بيانات على أراضيها تعمل بموجب ولاية قضائية أجنبية، ما يعني أن بيانات الحكومات والشركات الأجنبية المخزنة في السعودية لن تكون خاضعة للقوانين المحلية.

تهدف هذه المبادرة إلى طمأنة العملاء الأجانب بشأن سيادة بياناتهم، في وقت أصبحت فيه البيانات جزءاً أساسياً من الجغرافيا السياسية للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

ويرى محللون أن هذه الخطوة قد تمنح السعودية ميزة تنافسية، خاصة لدى الدول الإفريقية والآسيوية التي تبحث عن شركاء موثوقين لبناء بنيتها التحتية الرقمية، بفضل موقع المملكة الجغرافي بين أوروبا وآسيا وإفريقيا، إضافة إلى انخفاض تكلفة الطاقة لديها نسبياً.

عقبات أمام الثقة الدولية

رغم الترحيب التجاري من شركات التكنولوجيا الأميركية، لا يزال صناع السياسات في واشنطن يتعاملون بحذر مع الطموح السعودي. فلا تزال قيود تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة إلى المملكة قائمة، في إطار المخاوف الأميركية من احتمال نقل التكنولوجيا إلى أطراف أخرى مثل الصين.

وبحسب خبراء، قد تكون سمعة المملكة على الصعيد الدولي أحد أصعب العوائق أمام تحقيق هدفها في قيادة قطاع الذكاء الاصطناعي. إذ يتطلب بناء الثقة البحثية والأكاديمية سنوات طويلة من العمل، وشبكات أكاديمية قوية، وشفافية مؤسسية، وهي مقومات لا يمكن شراؤها بالمال وحده.

في نهاية المطاف، تبدو السعودية عازمة على اقتناص مكانة مهمة في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي. وإذا نجحت في الجمع بين الاستثمارات الضخمة، وبناء الثقة، وجذب المواهب، فقد تصبح بالفعل لاعباً مؤثراً يشغل نسبة معتبرة من قدرات الذكاء الاصطناعي في العالم. لكن ذلك سيعتمد على أكثر من مجرد المال: إنه رهان على الثقة، والحوكمة، والسمعة طويلة الأمد.

You may also like

Leave a Comment