السعودية تسعى لشراكة بمليارات الدولارات في الذكاء الاصطناعي مع عمالقة الأسهم الخاصة

by hayatnews
0 comment

قالت وكالة «بلومبيرغ» إن السعودية تمضي في مساعٍ لإبرام شراكة تمويلية بمليارات الدولارات مع كبرى شركات الاستثمار في الأسهم الخاصة، لدعم خططها لتشييد مراكز بيانات وبنية تحتية حوسبية على نطاق واسع داخل المملكة.

وتأتي الخطوة عبر شركة الذكاء الاصطناعي الجديدة «Humain»، المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة بقيمة تقارب تريليون دولار، والتي أُسست في مايو/أيار الماضي، وفقًا لأشخاص مطلعين على الملف.

وبحسب المصادر، أجرت «Humain» محادثات أولية مع مؤسستي بلاكستون وبلاك روك لبحث صيغ شراكة تسمح بتعبئة رؤوس أموال كبيرة لتسريع إنشاء مراكز بيانات فائقة الضخامة (Hyperscale)، وشبكات ألياف وتبريد وطاقة تدعم أحمال الذكاء الاصطناعي المتزايدة.

وطلبت المصادر عدم كشف هوياتها نظرًا لحساسية المداولات، مؤكدة أن القرارات النهائية بشأن هيكل الشراكة وحجمها لم تُحسم بعد.

ورفض ممثلون عن «Humain» وبلاكستون وبلاك روك التعليق.

تاريخيًا، لعبت السعودية دور المموّل المرجعي لصفقات الأسهم الخاصة حول العالم، إلا أنّ أولوية الرياض باتت تميل إلى شراكات تخدم الأهداف المحلية ضمن «رؤية 2030»، وعلى رأسها توطين القدرات الحوسبية اللازمة لتدريب وتشغيل النماذج المتقدمة.

وتُعد «Humain» جزءًا محوريًا من هذا التحول، إذ بدأت الشركة بناء أول مراكز بيانات لها داخل المملكة مع خطة لبدء التشغيل مطلع 2026، بالتوازي مع توريد أشباه الموصلات من شركات أميركية مثل إنفيديا. ويستهدف برنامج التوسع إضافة قدرة بنحو 1.9 غيغاواط بحلول 2030، بحسب ما أفاد به المطلعون.

وتعمل «Humain» أيضًا على شبكة شراكات تقنية تشمل كوالكوم وسيسكو سيستمز في مجالات المعالجات المتخصصة والبنى الشبكية، كما تخوض محادثات مبكرة مع شركة xAI التابعة لإيلون ماسك لبحث صفقة مركز بيانات في السعودية.

وعلى صعيد التمويل المباشر للابتكار، أطلقت الشركة خلال الصيف صندوق «Humain Ventures» بقيمة 10 مليارات دولار، وبدأ بالفعل في ضخ استثمارات في شركات ومنظومات ذات صلة بالسحابة والحوسبة عالية الأداء.

وتأتي هذه التحركات في وقت تواجه فيه بعض مكونات «رؤية 2030» رياحًا معاكسة نتيجة تراجع أسعار الطاقة وضعف وتيرة تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر، إلا أن مسؤولي الرياض ماضون في دعم «Humain» باعتبار الذكاء الاصطناعي ركيزة استراتيجية للنمو وتنويع الاقتصاد، وفقًا للمصادر ذاتها.

ويرجّح مصرفيون أن مشاركة بلاك روك وبلاكستون—إذا اكتملت—قد تمنح المشاريع سرعة إغلاق مالي وهيكلة تمويل طويلة الأجل عبر أدوات تناسب صناديق التقاعد وشركات التأمين.

وتعكس الصفقة المحتملة كذلك اشتداد المنافسة السيادية في الخليج على قيادة اقتصاد الذكاء الاصطناعي كثيف رأس المال. فقد تعهدت قطر والسعودية والإمارات برصد تريليونات الدولارات في الولايات المتحدة وأسواق أخرى، مع توجيه جزء معتبر نحو التكنولوجيا المتقدمة.

ومؤخرًا، ضخ جهاز قطر للاستثمار أموالًا في جولة تمويلية ضخمة لشركة Anthropic، بينما برزت أبوظبي كمقر لشركة MGX التي تخطط لتمويل مشروع Stargate، وقدّمت بالفعل دعمًا لشركتي OpenAI وxAI، كما دخلت في شراكة مع بلاك روك ومايكروسوفت ضمن خطة بقيمة 30 مليار دولار لتشييد مستودعات بيانات وبنية طاقة مساندة.

ويرى محللون أن رهان الرياض على توطين “القوة الحاسبية” لا يقتصر على شراء الرقائق، بل يتطلب بنية كهربائية موثوقة وقدرات تبريد متقدمة ومواقع قريبة من مصادر الطاقة المتجددة والغاز، إلى جانب رأس مال بشري متخصص لإدارة المراكز على مدار الساعة.

وفي حين تبقى توافر المعالجات المتقدمة عالميًا تحديًا، فإن حشد تمويل مؤسسي بمليارات الدولارات وتحالفات مع عمالقة التقنية والاستثمار قد يمنح «Humain» ميزة تنافسية في سباق بناء “مصانع الذكاء” إقليميًا.

وإذا ما تكللت هذه المفاوضات بالنجاح، فإن السعودية تتجه إلى ترسيخ موقعها كعقدة رئيسية للحوسبة المتقدمة في الشرق الأوسط، بما ينعكس على سلاسل القيمة الرقمية من تدريب النماذج وتقديم الخدمات السحابية، وصولًا إلى تشغيل التطبيقات الصناعية للذكاء الاصطناعي في الطاقة واللوجستيات والرعاية الصحية والقطاع الحكومي—لتصبح الشراكة المالية–التقنية المرتقبة اختبارًا مبكرًا لطموحات المملكة في عصر ما بعد النفط.

You may also like

Leave a Comment