مصير التصعيد الإقليمي مرتبط بالمرحلة الثالثة من حرب غزة

by hayatnews
0 comment

شرعت إسرائيل في سحب عدد من ألويتها العسكرية من قطاع غزة، في إطار انتقال الحرب إلى المرحلة الثالثة، التي يُفترض أن تشهد تحولاً باتجاه عمليات أكثر استهدافاً ضد حركة “حماس”.

وتعيد المرحلة الثالثة قدراً من جنود الاحتياط إلى الحياة المدنية؛ لمساعدة الاقتصاد الإسرائيلي مع دخول العام الجديد الذي قد تستمر فيه الحرب بصورة أو بأخرى بحسب منصة “أسباب” البحثية.

وقال مسؤولون إسرائيليون إنهم خطّطوا لشن الهجوم على ثلاث مراحل رئيسية، تمثلت المرحلة الأولى منها في القصف المكثف الذي دمر البنية التحتية المدنية وبيوت الفلسطينيين، ودفع السكان إلى النزوح القسري، وتمثلت الثانية في الغزو البري الذي بدأ في 27 أكتوبر/تشرين أول.

وقد حاولت حكومة إسرائيل إطالة أمد المرحلة الثانية من الحرب قدر المستطاع، لكنها اضطرت لاحقاً لتسريح جزء من القوات العاملة في القطاع، وأعلنت الانتقال للمرحلة الثالثة في مناطق شمال غزة، مع استمرار زخم العمليات العسكرية في مدينة خانيونس التي ضخ فيها جيش الاحتلال أكثر من 7 ألوية عسكرية، لا تزال تواصل عملياتها داخل المدينة منذ شهر ونصف.

على وقع مراوحة العمليات العسكرية مكانها، بات واضحا أن تحقيق “الحسم العسكري” أمر بعيد المنال، وأن جيش الاحتلال ليس لديه القدرة على تحقيق “أهداف الحرب” المعلنة في قطاع غزة باستثناء تدمير أسس الحياة المدنية، وهو الأمر الذي ينعكس على تعقد المشهد السياسي في ظل زيادة الضغوط الدولية والأمريكية لتغيير شكل الحرب دون وجود تصور لكيفية إنهائها.

تتواصل المساعي المبذولة أمريكياً لاحتواء التصعيد الإقليمي والذي بات يأخذ منحى أكثر تصاعدا، مع تورط الولايات المتحدة في التصعيد على جبهة اليمن، واقتراب دولة الاحتلال من عتبة الحرب في جنوب لبنان.

عدا عن الضربات المستمرة ضد القواعد الأمريكية في سوريا والعراق، فيما تعتقد أوساط داخل الإدارة الأمريكية أن انتقال حكومة نتنياهو للمرحلة الثالثة من الحرب في قطاع غزة قد يوفر مناخاً إقليمياً مواتياً لاحتواء التصعيد الإقليمي.

الهدف العام للحرب مازال محل اتفاق بين الولايات المتحدة ودول أوروبا الرئيسية، وبين حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

هذا الهدف هو “القضاء على حركة حماس”، مع ملاحظة أنه جرى تعديله (ضبطه وعقلنته) بصورة جوهرية ومتدرجة استجابة للواقع وتحررا من قيود الصدمة الأولى التي أحدثها “طوفان الأقصى”، حيث بات الحديث الآن بصورة واضحة عن تعريف دقيق لما يعنيه هذا الهدف:

ضمان عدم قدرة حماس على تهديد “إسرائيل” مستقبلا. ويرتبط بذلك خطط إنشاء مناطق عازلة، وإعادة احتلال محور صلاح الدين، والتمسك الإسرائيلي باستمرار السيطرة الأمنية للاحتلال على غزة بعد الحرب. فضلا عن مسألة تدمير شبكة الأنفاق والتي يبدو أنها لن تكون أولوية نظرا لصعوبتها.

استبعاد حماس من حكم قطاع غزة ما بعد الحرب.

مواصلة استهداف قادة حماس وكوادرها (العسكرية والسياسية على حد سواء) من خلال عمليات أمنية نوعية حتى بعد توقف الحرب المباشرة.

على الرغم من بقاء الاتفاق حول هذا الهدف العام، بات من الواضح أن هناك تباينا في الرؤى بين الولايات المتحدة ودولة الاحتلال حيال بعض التفاصيل.

فضلا عن الخلاف حول تعريف “المرحلة الثالثة”؛ حيث لا يزال جيش الاحتلال يعمد لاستعمال كثافة نارية عالية في شمال غزة ويقوم بعمليات توغل واسعة من حينٍ لآخر، إضافة لمساعي متواصلة لتهجير السكان تجاه وسط وجنوب قطاع غزة، هذه السياسات تواجه بضغوط أمريكية لا سيما فيما يتعلق بارتفاع عدد الشهداء في أوساط المدنيين، ورفض خطط التهجير التي مازالت أطراف داخل حكومة نتنياهو تتمسك بها.

على ضوء هذه التطورات، ستكون الأسابيع القادمة حاسمة على صعيد اتجاهات الحرب في قطاع غزة، فإما أن تذهب إسرائيل لخيار تقليل كثافة النيران بصورة صريحة، وبما يؤدي لاستئناف الحياة المدنية في قطاع غزة.

أو أن تأخذ الأحداث مساراً أكثر تصعيدا على صعيد رفض تخفيض حدة القصف، وهو الأمر الذي سيقود لاستمرار التصعيد خارج غزة في الساحات الخارجية، وسيُصعب الجهود الدبلوماسية المبذولة أمريكياً لاحتواء التصعيد في الجبهة الشمالية واليمنية.

كما أنه سيؤدي لتوسيع التوترات مع الإدارة الأمريكية، الأمر الذي قد يؤدي لتفكيك مجلس الحرب المصغر، واعتماد نتنياهو في المقابل بصورة أكبر على حلفائه من أحزاب الصهيونية الدينية.

You may also like

Leave a Comment