التوتر التركي الإماراتي ينفجر في السودان: حرب الطائرات بدون طيار تكشف صراع النفوذ

by hayatnews
0 comment

كشفت الضربات الجوية الأخيرة بالطائرات بدون طيار في السودان عن تصعيد خطير في التوتر بين الإمارات العربية المتحدة وتركيا، اللتين تدعمان أطرافاً متناحرة في الحرب السودانية المستعرة منذ أبريل 2023.

في جنوب دارفور، كانت قوات الدعم السريع المدعومة إماراتياً تنقل طائرات شحن عسكرية عبر مطار نيالا، وسط اتهامات باستخدامه كمحطة لتزويد الميليشيا بأسلحة متطورة. وأكدت تقارير دولية، بينها جامعة ييل ومنظمة العفو الدولية، أن الإمارات أرسلت طائرات مسيرة صينية الصنع من طراز FH-95، إضافة إلى قنابل موجهة ومدافع هاوتزر، في خرق واضح لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة.

في المقابل، استعادت القوات المسلحة السودانية زمام المبادرة في المعارك الأخيرة، بفضل دعم تركي تمثل في طائرات بيرقدار TB2 المسيّرة. وفي 3 مايو، استهدفت غارة تركية طائرة شحن في نيالا كانت تحمل معدات عسكرية لقوات الدعم السريع، ما أدى إلى مقتل عشرات من عناصر الميليشيا، بالإضافة إلى إصابة إماراتيين وأجانب آخرين.

ردت الإمارات سريعاً وبقسوة. على مدى أيام، تعرضت مدينة بورتسودان، المقر المؤقت للحكومة السودانية، لهجمات بطائرات بدون طيار ضربت المطار الدولي، وقاعدة جوية، ومنشآت حيوية كمستودعات الوقود ومحطة كهرباء رئيسية. الغارات تسببت في حرائق واسعة وانقطاع الكهرباء، وعطلت جهود الإغاثة وسط أزمة إنسانية خانقة.

رغم نفي الإمارات مسؤوليتها، أكدت مصادر دبلوماسية أن أبوظبي هي من خطط ونفذ هذه الهجمات، رداً على قصف نيالا وما اعتُبر تورطاً تركياً مباشراً ضد مصالحها. مصادر عسكرية أشارت إلى أن الطائرات المسيّرة انطلقت إما من ميناء بوساسو الصومالي الذي تستخدمه الإمارات كقاعدة لوجستية، أو من مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع في شمال دارفور.

هذه التطورات تنذر بتحول الحرب السودانية من صراع بالوكالة إلى مواجهة إقليمية مفتوحة. فقد اعتبر بابكر الأمين، سفير السودان لدى بريطانيا، أن الإمارات “تواصل تنفيذ أجندتها عبر دعم قوات الدعم السريع بوحشية”، محذراً من أن التدخل الإماراتي المباشر ينذر بانفجار إقليمي.

الصراع بين أنقرة وأبوظبي في السودان ليس معزولاً عن خلافات أوسع بين البلدين. فالتنافس على النفوذ في العالمين العربي والإفريقي تصاعد منذ التدخل التركي في ليبيا عام 2020 ضد قوات حفتر المدعومة إماراتياً. كما تُتهم أبوظبي بالوقوف خلف تسريبات لوثائق حساسة لصفقة بيع طائرات مسيّرة تركية للسودان، في محاولة لإحراج أنقرة دولياً.

في الخامس من مايو، وبينما كانت بورتسودان تحت القصف، التقى وزير الخارجية التركي حقان فيدان بولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في محاولة لخفض التوتر. إلا أن المعطيات على الأرض تشير إلى أن تركيا قررت، بعد تردد أولي، الانخراط عسكرياً لدعم الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع.

الطرفان السودانيان، الجيش وقوات الدعم السريع، متهمان بارتكاب فظائع، لكن الدعم الإماراتي لقوات الدعم السريع ارتبط مباشرة باتهامات بارتكاب إبادة جماعية في دارفور، خاصة ضد قبيلة المساليت. ورغم كل الدلائل، تواصل أبوظبي نفي تقديم أي دعم عسكري، وهو ما وصفه محللون بـ”الإنكار السياسي المكشوف”.

يرى جلال حرشاوي، الباحث في معهد RUSI البريطاني، أن الإمارات نفذت هجمات بورتسودان بدافع الغضب والانتقام، وهو ما يهدد بتوسيع دائرة الصراع. فبينما تستمر تركيا في دعم الجيش السوداني بطائرات مسيّرة وتدريب فنيين، تصعد الإمارات من تدخلها العسكري عبر دعم قوات الدعم السريع بالسلاح والمرتزقة.

في ظل هذا التصعيد، يقف السودان على أعتاب كارثة إنسانية وعسكرية جديدة، مع مخاطر انزلاق البلد إلى ساحة صراع مفتوح بين قوى إقليمية تتنافس على النفوذ والنفط والموانئ.

You may also like

Leave a Comment