اعتبرت صحيفة التليغراف البريطانية أن منح المملكة العربية السعودية حق استضافة مونديال كأس العالم 2034 تكشف التناقضات الأخلاقية للاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا” واستعداده لقبول ثروات السعودية النفطية.
وأشارت الصحيفة إلى أن تقرير الفيفا المؤلف من 110 صفحات حول عرض السعودية لاستضافة كأس العالم 2034 يتناول كل شيء، من توفير الفنادق إلى تدريب الحكام والظروف المناخية، وصولاً إلى توقعات إيرادات الطعام والشراب وحتى حقوق الإنسان.
ومع ذلك، لم يتضمن أي ذكر للمجتمع المثلي وكيف يمكن استيعابهم في المملكة، حيث تُجرَّم المثلية الجنسية.
يمكن فقط التخمين أن رئيس الفيفا، جياني إنفانتينو، عند الموافقة على النسخة النهائية لهذا التقرير الذي يمثل أكبر عملية “غسل رياضي” في تاريخ المنظمة، لم “يشعر بالمثلية” كثيرًا هذه المرة.
ويتناقض هذا مع خطابه الافتتاحي في كأس العالم 2022 بقطر، عندما أعلن عن شعوره بـ”المثلية” و”القطرية” و”الأفريقية” و”الإعاقة” و”كأنه عامل مهاجر”. ولكن منذ ذلك الحين، يبدو أن شهية الفيفا لأموال النفط السعودي أصبحت أكثر وضوحًا.
والفيفا في مواجهة صراع عالمي مع الاتحاد الأوروبي والدوري الإنجليزي الممتاز للحصول على حصة أكبر من مليارات حقوق البث. كأس العالم، الذي يُقام كل أربع سنوات، تحول إلى حدث يضم 48 فريقًا، حيث أصبح من الصعب على أي دولة كبرى أن تفشل في التأهل.
وما يزعج الكثيرين هو النفاق الواضح. الفيفا تتحدث عن قيمها، لكنها تتجنب القضايا الحساسة المتعلقة بحقوق الإنسان عند التعامل مع شركائها الأثرياء في الشرق الأوسط. بينما يشير التقرير إلى “عدم التمييز”، إلا أنه لا يتضمن أي ذكر صريح لقضايا مثل حقوق المثليين أو النساء.
كما ورد في التقرير إشارات غامضة حول “الثغرات والتحفظات” في تنفيذ المعايير الدولية “خاصة عندما تُعتبر متعارضة مع الشريعة الإسلامية”.
ولو أن الفيفا أعلنت صراحةً أن الدافع الرئيسي هو المال، لكان الأمر أكثر وضوحًا. ولكن بدلاً من ذلك، تحاول المنظمة تقديم موقف أخلاقي بينما تتجاهل القضايا الأساسية.
من الناحية المالية، يبدو أن السعودية قد قدمت وعودًا مغرية. التقرير يتوقع انخفاض التكاليف بمقدار 450 مليون دولار وزيادة في إيرادات التذاكر والضيافة بنسبة 32%، وهو ما يعادل 240 مليون دولار.
وتخطط السعودية لبناء 15 ملعبًا جديدًا، بما في ذلك 8 ملاعب جديدة، في مدن مثل نيوم والرياض وجدة. هذه المنشآت ستبدو مذهلة على شاشات التلفاز، ولكن سيكون هناك حاجة لآلاف العمال لبنائها.
وقد وعدت السعودية بوضع نظام لرعاية العمال مع مراقبة من منظمة العمل الدولية، لكن تقرير الفيفا يصنف المخاطر المتعلقة بحقوق الإنسان بأنها “متوسطة”.
ورغم المخاطر المناخية الواضحة، لم يفرض التقرير إقامة البطولة في الشتاء. بدلاً من ذلك، يشير التقرير إلى أن الفيفا مستعدة لتعديل الجدول الزمني بما يتناسب مع احتياجات السعودية.
وعليه فإن إنفانتينو يبدو مستعدًا لمنح السعودية كل ما تحتاجه لتنظيم البطولة. السؤال الحقيقي هو: ما الثمن الذي ستدفعه الفيفا على المدى الطويل؟ يبدو أن المنظمة قد قدمت تنازلات كبيرة للسعودية، ولكن هل يمكنها الاستمرار في تجاهل التناقضات الأخلاقية التي تحيط بهذا القرار؟.